البنزين الأردني والمازوت الفلسطيني

البنك الدولي حذر يوم أمس من مخاطر ارتفاع اسعار الغذاء بنسبة عشرة بالمئة على افريقية والشرق الاوسط، وأن الأمر ينذر بكوارث على شعوب هذه المناطق، وبالتزامن وبذات الوقت الذي خرج به التحذير قررت الحكومة رفع أسعار المحروقات، ويبدو بالمقارنة أن الحكومة تعتقد أنها ليست من حكومات الشرق الأوسط التي أشار إليها التحذير الدولي، وإلا كيف يستوي أمر رفع أسعار المحروقات التي ستلهب أسعار المواد كافة، إلى جانب ارتفاع أسعار الغذاء المشار إليه.
الغريب العجيب أن الأردن دولة لا يوجد بها مجرد نهر، ولا هي على بحر بالمعنى الحقيقي، كما أننا لسنا دولة صناعية ولا زراعية بالمعنى الوصفي، ولا نستخرج النفط، وبلا مناجم من أي نوع سوى الفوسفات الذي ما عاد وطنيا بعدما تخصخص ليكون خاصا وشخصيا، ويمكن القول إننا لا نملك سوى أنفسنا وما لديها من إمكانيات، وليس أكثر من ذلك أبدا، وأنه بات علينا أن نصنع البنزين من الهواء لنكون شيئا.
ومع ذلك تشطح السياسات الرسمية بالقرارات، وكأن المواطن ينعم بدخل دولة خليجية او ربما تظنه يابانياً، إذ لم تجهد نفسها بالتفكير لحظة كيف له أن يكيف الزيادة بالأسعار مع دخله الذي لا يطرأ عليه تغييرا طوال العام، وانه لا ينعم أبدا بأي زيادة سنوية طالما هي بالأصل هزيلة، وانه مثقل طوال الوقت، وبدل ذلك تذهب إلى سن المزيد من المعاناة عليه.
لا نسمع سوى الحديث عن المساعدات الخليجية التي ستهل بالمليارات خلال السنوات الخمس القادمة، وعن الامريكية واليابانية والاتحاد اوروبية، وهذه كلها كما معلن عنها تكفي لاقتصاد تدويري بعيدا عن القليل الذي عند الناس، غير أن مسارب صرف أموال الدولة كما هي عليه من استنزاف غامض يبقيها في حالة مد اليد على الدوام، وليس مهماً مع اتساع وتضخم الصرف أي كرامة او خجل من استمرار سياسة الاستجداء التي تذهب بالناس، ليكونوا ممارسين لها مهنيا وكأنهم شعب من الشحاذين.
الأردني أمام الكويتي فقير، وأمام السعودي محتاج، وأمام الاماراتي يبحث عن عمل، ومتعاون عند القطري، وضعيف أمام الامريكي، ومشدوه أمام الاوروبي، ومفتون بالياباني، ومعجب بالصيني، وهكذا أينما ولت الوجوه، وهي حال عربية بامتياز.. ترى ما نحن على وجه الدقة؟ ( السبيل )