6/11

وحتى لا يبدو العنوان ملتبساً أو خارجاً على المألوف في عناوين المقالات الصحفية, التي يجب أن تكون بالاحرف والكلمات وليس بالارقام أو التواريخ, فإنني اسارع الى التوضيح بأن المقصود هو ذلك اليوم «الاميركي» الذي يضبط فيه معظم ساسة العالم وعواصمه «ساعاتهم» على توقيته, لأن مصير معظمهم - كما موازناتهم ومستقبلهم الشخصي - مرتبط بما سيقرره الاميركيون عبر اوراق الاقتراع التي سيضعونها في الصناديق, كي يقولوا للعالم أن رئيسهم (ورئيسه) هو هذا الجمهوري المورموني, الذي وعد بنقل السفارة الاميركية الى القدس فور دخوله البيت الابيض, وهاجم روسيا (على طريقة ريغان) وابدى حماسة لتدخل عسكري في سوريا, أو سيُبقي الاميركيون على باراك حسين اوباما الذي مُنح بغير سبب مقنع أو انجازات ملموسة جائزة نوبل للسلام, فيما لم يُسجل لصالحه أية نقطة في هذا الاتجاه, اللهم إلا في «الحكي» الذي بدأه في جامعة القاهرة ومرة اخرى في انقرة أمام مجلس النواب التركي, ودائماً في المقابلات واللقاءات والمؤتمرات التي لا تعدو كونها مجرد كلام, يشي بأن ضعفاً ملموساً (وإن كان غير بنيوي أو على عمق كبير) قد أصاب القوة «العظمى» الاميركية وأضعف من دورها, وبدت في فترة ما وكأنها أُنهكت وأُرهقت, وباتت في وضع لا تستطيع حياله أن تحول دون بروز نظام دولي جديد متعدد الاقطاب والرؤوس والتكتلات, رغم أن واشنطن لن تسلّم بذلك بل ستقاومه بكل ما تستطيع, ما بالك لو جاء هذا الجمهوري اليميني المتطرف ميت رومني, الذي أحاط نفسه برموز من المحافظين الجدد واختار مهادنتهم بل خضع لرغبتهم وجاء بالنجم الصاعد في صفوفهم ليكون صاحب الرقم 2 على بطاقته الانتخابية وهو السناتور الشاب بول رايان الذي تقول عنه الصحافة الاميركية بانه اكثر الجمهوريين صقورية وتماثلا مع «حزب الشاي» تلك المجموعة المتطرفة التي هي على يمين يمين المحافظين الجدد.
ماذا عنّا؟
نعم، ثمة مَنْ يرتهن لهذا التاريخ (6/11) ويبني حساباته على نتائجه ولهذا فهو في وضع الانتظار والترقّب, خذ مثلا سلطة رام الله التي تبدي تلعثما وارتباكا حتى في نيتها المعلنة الذهاب الى نيويورك للحصول على مقعد دولة «غير» عضو في الامم المتحدة على غرار الفاتيكان بعد ان قيل ان ادارة اوباما «نصحت» بتأجيل خطوة كهذه.
وهم هناك في مصر حيث الرئيس الاخواني «حامي السُّنة» الذي يريد تقمص دور عبدالناصر (دون جدوى او رغبة او صدقية بالطبع) الذي يبدي حذرا شديدا ازاء مصير الصفقة التي تمت بين ادارة اوباما وجماعة الاخوان المسلمين (بوساطة اردوغان بالطبع) والتي تجلت في جملة القرارات الثورية (..) التي اتخذها مرسي ليس فقط ضد رموز المجلس العسكري وحركة «التطهير» المستمرة في صفوف المؤسسة العسكرية وانما ايضا في الخضوع لارادة صندوق النقد الدولي والاستعداد لرفع الدعم عن السلع الاساسية مقابل الحصول على 8ر4 مليار دولار وصولا الى ستة مليارات, فيما كانوا (الاخوان) قد اقاموا مصر ولم يقعدوها عندما حاول كمال الجنزوري اقتراض 2ر3 مليار دولار وخرجت الفتاوى والتحريمات وحكايات الربا وذرف الدموع على الفقراء ومحدودي الدخل وسكان العشوائيات.. لكن هذا في عهد الاخوان الحالي مجرد لغو ومؤامرة.. يسارية!!
اين من هنا؟
في أنقرة.. كما بعض عواصم العربان ولدى قوى 14 اذار في لبنان، العيون شاخصة نحو واشنطن بانتظار ذلك اليوم الذي يبنون عليه كل سيناريوهاتهم الخائبة, لأن امنيتهم الوحيدة هي قيام اميركا - وقد تخلصت من استحقاق الانتخابات - بتجريد حملة عسكرية على سوريا كما فعلت في ليبيا عبر المفهوم (الاوبامي) الجديد - القيادة من الخلف - او اعتماد السيناريو العراقي ولا مخاوف لديهم او خشية من سقوط الدولة السورية وذهاب بلاد الشام الى المجهول, المهم ان يصبح عنوان المرحلة هو الصراع السنّي الشيعي, وأن يتغير جدول الاعمال ولا تبقى القضية الفلسطينية على رأسه تسبب لهم صداعا دائما.
ماذا عن اسرائيل؟
هي مطمئنة ولا يصيبها الفزع الذي يستبد بالعربان, فأياً كان ساكن البيت الابيض, فانه معها ولها, سواء قررت (تل ابيب) شن حرب على ايران قبل 6/11 ام تخلت عن ذلك مؤقتا، صحيح ان رومني اقرب الى نتنياهو من اوباما, لكن الاخير كان الاخلص لها من كل ما سبقوه. وهنا تبرز الفروق بين الزعامات الحقيقية وتلك التي جيء بها لملء الفراغ أو حياكة المؤامرات وتمويلها ولتفتيت الصفوف العربية واشاعة اليأس والقنوط لدى شبابها ومجتمعاتها المقموعة والمنهوبة والمستلبة. ( الرأي )