كلّهم سعداء بالانفصال!

لا يضحكنّ أحد على أحد، فحكومة رام الله سعيدة بالانفصال الذي هيّأ لها راحة بال من هَمّ حماس، وحكومة غزة سعيدة بالانفصال لأنّه هيأ لها فُرصة الحكم المنفرد، وهكذا فالحديث عن المصالحة مجرّد ذرّ للرماد في العيون.
كلّ الحكام الفلسطينيين سعداء، إذن، بهذا الواقع المأساوي، حتى لو كان على حساب مصلحة الشعب والقضية، وصحيح أنّ أربع عواصم عربية كبيرة استضافت اجتماعات مصالحة، وتمّ الاتفاق على عشرات الاقتراحات والمبادرات، وشُربت آلاف فناجين القهوة على شرف الاتفاقات، ووُزّعت الابتسامات على الكاميرات، وتبودلت القبلات.
كلّ ذلك صحيح، ولكنّ الصحيح الفعلي هو الحقيقة التي تفيد بأنّ الأمر كان مجرّد شراء وقت من الطرفين لتكريس الانقسام والانفصال، والبقاء في الحكم حتى لو كان على شارعين وبضع حارات، أمّا الشعب، وحاضر ومستقبل القضية الفلسطينية، فأمور ثانوية لا ينبغي إعطاؤها أدنى اهتمام.
ولا يضير حكومة غزة إذا وصفتها حكومة رام الله بالمقالة، ما دامت تحكم غزة بشكل حقيقي، ولا يضير حكومة رام الله إذا وصفتها حكومة غزة بغير الشرعية، ما دامت تحكم رام الله بشكل حقيقي، ولا يضير الرئيس محمود عباس إذا وُصف بالمنتهية ولايته ما دام يُستقبل في العواصم بالسجاد الأحمر، ويتنقّل برام الله ونابلس وجنين بمواكب رئاسية مع أنّه لا يستطيع زيارة القدس ولا غزة، ويبقى أنّ ذلك كلّه يدعونا للترحم على روح ياسر عرفات الذي يبدو أنّ قتله بالسمّ كان السبب في كلّ ذلك. ( الدستور )