القسدرة بين الحكومات

الانتقال من حكومة الى أخرى عبر العقود الماضية لم يغير من واقع حال الدولة والشعب في المستوى السياسي؛ إذ جميعها تأتي وتذهب مخلفة المزيد من العمل الفردي، والاستحواذ، والاستكبار، والتجبر على الناس الذي انتج فسادا عاث خرابا بمقدرات الدولة ومجمل امكانياتها. والحال هذه الايام ليس بأفضل، حيث تتغير الحكومات وتتبدل كل اربعة اشهر، ولا جديد يتم من اجل الانتقال بالشعب والدولة الى ما هو افضل بالمستويات كافة.
الحكومات الاخيرة غادرت موقعها إسقاطا تحت ضغط الشارع، والامر يعني ان الشعب كان ينتصر عليها، غير انه لم يحقق الا القليل من المكاسب التي لا تذر كثيرا ولا تنفع طويلا، في حين أن الاسقاط لم يغير من واقع ذات النهج في تشكيل الحكومات دون اكتراث لكونها تسقط تباعا. وها هي حكومة فايز الطراونة تترنح والشعب ينتظر مغادرتها، الا انه بذات الوقت ينتظر اسماء الحكومة المقبلة دون فعل ليكون شريكا بموجب انتصاره بفرض رحيلها، وهكذا تتوالى لعبة القط والفأر بدل ان يأخذ الشعب حقه في اختيار الحكومة ودون اكتراث بالمقابل من تشكيل حكومة يرضى عنها الناس.
يتطاير الحديث الآن عن شكل الحكومة المطلوبة، فمن يريدها وحدة وطنية الى من يريدها انقاذ وطني، وغيرهما ممن يريدها انتقالية مرورا بمن يريدونها طوارئ، وغيرهم يفضلها مؤقتة وهناك من يراها عسكرية. وفريق آخر يحبذها نيابية وصولا لمن يروجها أميرية، وهذه كلها نماذج لن تصمد ابدا طالما تفصل ولا تنتخب من الشعب.
المراوحة بذات المكان سيعمق مخاطر الانفلات والذهاب نحو المجهول، ومسألة التدخل بإلغاء قرار رفع الاسعار لن تنفع في امور اخرى، طالما ان التدخل مجرد مسكنات وليس علاجا شافيا، ثم إن الجرة لا تسلم في كل مرة.( السبيل )