قصص من (مأوى العجزة)..

تم نشره الجمعة 07 أيلول / سبتمبر 2012 01:01 صباحاً
قصص من (مأوى العجزة)..
حسين الرواشدة

لا شيء اقسى على الاباء من عقوق ابنائهم ، ولا يوجد في الدنيا ما يعوض اما او ابا عن لحظة يشعران فيها بافتقاد ابنائهم - وهم احياء - او بنكرانهم وعدم رعايتهم لهم واهتمامهم بهم ، وما اكثر القصص التي نتداولها في مجتمعنا حول ابناء طردوا آباءهم الكبار من بيوتهم واودعوهم دور المسنين ، او اخرين اذعنوا لطلبات زوجاتهم فساموا آباءهم صنوف القهر والعذاب.

لا يمكن ، بالطبع ، اختزال قصص العقوق فيما يصلنا من دور المسنين فقط ، فالمسكوت عنه داخل البيوت التي انسحب فيها الابناء من قيمهم ودورهم في رعاية آبائهم اكبر بكثير من هذه الاعترافات الحزينة والمؤلمة التي يعبر عنها اباؤنا وامهاتنا المقيمون في مآوي العجزة ، اما لماذا يحدث ذلك في مجتمعنا الذي ما يزال يتمتع بدرجة ما من العافية الاجتماعية والدينية ، فالاسباب كثيرة ، بعضها يتعلق بالتربية وبعضها بضعف الوازع الديني. واخرى بعجز وسائل التوجيه واختلاف مصادرها ، او بانشغال الاباء وتقصيرهم بحق ابنائهم او بما طرأ على مجتمعنا من تحولات في مجال القيم والاخلاق واستيراد الافكار والحلول.. وغيرها.

ليس ثمة مبرر للعقوق اطلاقا ، فقد ربط الله تعالى بين توحيده وبين الاحسان للوالدين ، والى درجة انه لا يجوز ان نتوجه اليهما بأي كلمة مؤذية ، حتى لو كانت أُفْ ، لكن ذلك لا يعفي الاباء مما قد يقترفه ابناؤهم بحقهم ، فقد روى الاصمعي عن رجل من الاعراب قال: خرجت من الحي اطلب اعق الناس وابرهم ، حتى انتهيت الى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الابل في الهاجرة ، وخلفه شاب في يده رشاء اي حبل ملوي يضربه به ، قد شق ظهره بذلك الحبل ، فقلت: اما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ اما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: انه مع هذا ابي ، فقلت: فلا جزاك الله خيرا. قال: اسكت ، فهكذا كان هو يصنع بأبيه.

اعرف انه لا يوجد لدينا تشريعات رادعة تحاسب الاباء على تقصيرهم بحق ابنائهم ، او تعاقب الابناء على عقوقهم وجحودهم ، وتمنعهم من ادخال ابائهم الى مأوى العجزة ولكن ثمة سلطة اخلاقية لا بد ان تفعل في مجتمعنا لرعاية هؤلاء المسنين على الاقل وتوفير ما يحتاجونه من اهتمام ورعاية ، وقد سمعت قبل ايام ان سيدة في مصر رفعت قضية تطالب فيها الحكومة بتخصيص راتب شهري يكفل لها الحياة الكريمة بعد ان عجز ابناؤها عن اعالتها ، وحكم لها بمبلغ (500) جنيه من الخزينة بيت مال المسلمين ، فهل يمكن لهذه السابقة القضائية ان تطمئن المسنين المعوزين في بلادنا على مستقبلهم؟

قبل ان اختم ، اذكر بقصتين مؤلمتين حدثتا في احدى دور المسنين الموجودة في بلادنا ، احداهما حول ابناء اودعوا والدهم الدار ، وحين توفي تم ابلاغهم لاستلام جثمانه ، لكنهم رفضوا ، مما دفع المشرفين على الدار على تولي اجراءات الدفن على نفقة الدار بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وامانة عمان ، والاخرى حول امرأة احضرتها بناتها الى احدى دور المسنين ، على اساس انها سيدة وجدت تحت شجرة ، وكانت ملقاة في سيارة بكب اب بملابس قذرة كأنها لم تستحم منذ عشر سنوات ، وتبين لاحقا ان هذه المرأة هي امهن ، وقد بقيت في الدار فترة وجيزة ثم ماتت.


( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات