فرض تجميد رفع الأسعار خطوة على الطريق

تم نشره السبت 08 أيلول / سبتمبر 2012 01:28 مساءً
فرض تجميد رفع الأسعار خطوة على الطريق
د. فوزي علي السمهوري

في الأنظمة الديمقراطية، لا تملك السلطة التنفيذية القدرة على خداع الشعب أو الكذب عليه أو تجاوز مصالحه؛ وذلك لأن الإرادة الشعبية إرادة الجماهير هي التي أوصلت ذلك الحزب أو الائتلاف الحزبي يتربع على أعلى هرم السلطة التنفيذية، عبر تبنيه برامج مختلفة تهم حياة الناس على كافة الأصعدة، وبالتالي سيتمكن الشعب من محاسبتهم على إخفاقهم أو نجاحهم في الانتخابات التالية.
 أما في الأنظمة الشمولية واللاديمقراطية فالحال عكس ذلك، فالسلطة التنفيذية لا همّ لها سوى الرضوخ لأوامر قوى أخرى أو العمل لإرضاء الرئيس أو الأمير أو الملك، وهذا يعني في معظم الأحوال العمل على ممارسة شتى أشكال الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويرافق ذلك التعامل مع الشعب وكأن الشعب لم يخلق إلا لخدمة هذه الفئة المتنفذة وأسيادها، وبالتالي لا مانع من مخاطبته بالكذب عليه واستمرار فرض الضرائب مختلفة الأشكال والمسميات، ومحاولة تكميم الأفواه، وقمع حراكات، تمكين هذه الفئة بل النظام السياسي باستمرار تربعه على رؤوس الشعب رغماً عن إرادتهم.
 إن سياسات الحكومة الأردنية، بل الحكومات المتعاقبة تصب في الخيار الثاني أي تحت عنوان الأنظمة اللاديمقراطية. والمراقب لمخرجات التشريعات السياسية والاقتصادية يخلص إلى نتيجة واحدة، تتمثل في غياب الإرادة السياسية العليا بالتوجه نحو الإصلاحات المطلوبة شعبياً وحزبياً، بما تعزز خيار المشاركة الحقيقية للشعب بإدارة أموره وانتخاب من يمثل آماله وهمومه تمثيلاً حقيقياً وعادلاً، بل العمل على ترسيخ الهيمنة والتدخل الرسمي والأمني بكافة مفاصل العمل السياسي والحزبي والإعلامي ومؤسسات المجتمع المدني.
 إن الزعم الحكومي الأخير بأن الحكومة تدعم المحروقات، وبأن رفع الأسعار (فرض مزيد من الضرائب) يأتي في هذا الخيار، ما هو إلا كذبة كبيرة لم تعد تقنع طفلاً صغيراً، فما بالنا بإقناع شعبنا الأردني الواعي.
 إن الضرائب المفروضة على أسعار المشتقات النفطية تتجاوز نسبة الأربعين في المائة من السعر المحرر وفقاً للسعر العالمي للنفط. فكيف للحكومة أن تقنع الغالبية العظمى من الشعب، كيف أن لتر البنزين عام 2007 وعندما كان سعر برميل النفط عالمياً حوالي مائة وخمسون دولاراً حوالي سبعين قرشاً، بينما الآن وفي ظل سعر عالمي حوالي 110 دولاراً تقريباً يصل لتر البنزين إلى 77 قرشاً؟!
 إن هذه السياسة هي التي أدت إلى فقدان الثقة على مدار السنوات الماضية بين الحاكم والمحكوم؛ لأنها أدت إلى زيادة الفقراء حتى بات معظم الشعب الأردني تحت خط الفقر، وهذا ما أدى إلى اتساع حركة الاحتجاجات على قرار رفع سعر البنزين والسولار الأخير. التي شملت كافة محافظات المملكة وكانت بطريقها لتشمل كافة شرائح الشعب الصامتة أو المصمتة.
 ولقد أثبتت الأحداث الاحتجاجية الأخيرة واتساعها مدى قدرة الشعب عند تحركه وتضامنه بالحدود الدنيا من الحد الأدنى. كيف أنه أجبر السلطة التنفيذية على تجميد قرار رفع سعر البنزين والسولار. إن هذا الإنجاز هو الخطوة الأولى نحو فرض الإصلاح الجوهري الحقيقي وانتزاع حقوقه، وقد يشكل بداية ضعف لبنية النظام السياسي القائم منذ عقود، فالطريق الطويل يبدأ بالخطوة الأولى، وهذه هي الخطوة الأولى نحو فرض المشاركة الشعبية الحقيقية وصولاً إلى نظام ديمقراطية يكفل تداولاً سلمياً للسلطة التنفيذية وتعزيزاً للجبهة الداخلية التي تشكل المواطنة قوامها.
 لذا المشاركة الواسعة للمواطنين بالحراكات القادمة مع توفر إرادة حقيقية لدى القوى السياسية المنظمة لتصعيد حراكها وتكثيفه وعدم الاكتفاء بالحراك الأسبوعي، جدير بإنجاز الهدف الوطني ببناء أردن وطني ديمقراطي، فالحراك بأشكاله يجب أن يبدأ ككرة الثلج حيث تكبر كلما تدحرجت. فهذا هو الوقت المناسب عندما يتم تبني هموم الناس وإقناعهم بأن الإصلاحي السياسي والاقتصادي الحقيقي هو السبيل لرفع مستوى حياة المواطن وصون كرامته واحترام حقوقه الأساسية وحقه في الحياة عزيزاً كريماً.( السبيل )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات