حساسية بورصة عمان

في بلاد العالم المتقدم اقتصادياً، يتحلى المتعاملون في الأسواق المالية بمنتهى الحساسية للأحداث والأخبار وتأثيراتها المحتملة على اقتصاديات الشركات وبالتالي أرباحها وأسعار أسهمها.
ارتفاع شعبية مرشح يميني للرئاسة الأميركية مثلاً يؤدي لارتفاع أسعار الأسهم لأنه يعد بتخفيض الضرائب. وتقدم مرشح يساري يؤدي لانخفاض الأسعار خوفاً من زيادة الضرائب على الأرباح لتمويل البرامج الاجتماعية التي تهم الفقراء.
صدور تصريح من محافظ البنك المركزي الأميركي أو الأوروبي عن الاستعداد للتدخل لحماية النمو وفرص العمل يؤدي إلى تحسن فوري للأسعار، في حين أن صدور توقعات بحدوث أزمة مديونية في بلد أوروبي رئيسي تؤثر سلباً على الأسعار وهكذا.
ينطبق ذلك على الأسعار العالمية للذهب والفضة والحبوب والبترول، التي تتقلب يومياً على ضوء ما يطفو على السطح من أخبار وتطورات وتعليقات.
الحديث عن احتمالات موسم جفاف في أميركا رفع أسعار الذرة بنسبة 50%، وانخفاض تقديرات إنتاج القمح في روسيا أدى إلى رفع أسعار القمح بنسبة 35%.
الحال ليس كذلك في بورصة عمان، فالمتعاملون في السوق المالي لا يتحلون بأي قدر من الحساسية تجاه الاحداث، وحتى إقالة حكومة وتنصيب حكومة جديدة لم يؤثر على الرقم القياسي لأسعار الأسهم.
وإذا كانت أسعار الأسهم الآن متدنية لدرجة مؤلمة لأن الوضع الاقتصادي العام غير مريح، فهناك عجز موازنة وارتفاع مديونية، وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية، فلماذا لم يحدث تغيير يذكر عندما أعلنت الحكومة عن برنامج للتصحيح الاقتصادي، وأعلن صندوق النقد الدولى عن تقديم قرض طويل الأجل للأردن بمبلغ مليارين من الدولارات، وأعلنت دول الخليج عن تخصيص مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد الأردني. كل هذه التطورات لم تؤثر على قناعات وتوجهات المتعاملين في البورصة.
يخرج علينا وزير المالية ومحافـظ البنك المركزي من وقت لآخر بتصريحات هامة، فلا يحدث صدى لهذه التصريحات في قاعة التعامل، وكأنها لا تعني شيئاً، ولا تؤثر على توقعات المستثمرين والمضاربين.
عملية الاستثمار في بورصة عمان لم تنضج بعد، وما زال الاتجاه هو اللحاق بالتيار العام، والاعتماد على الإشاعات، وفقدان الحساسية تجاه المتغيرات التي تحدث يومياً.
إذا كانت الارباح نصف السنوية للشركات المدرجة في بورصة عمان قد ارتفعت بنسبة 5ر12% عما كانت عليه في السنة الماضية، فلماذا انخفضت أسعار الأسهم هذه السنة؟ أين المنطق؟!
( الرأي )