غرفة تجارة عمان وإضراب عمّال الموانئ

نشرت وسائل الإعلام المحلية بياناً صادراً عن غرفة تجارة عمّان، يناشد الجهات الحكومية المتخصصة بوضع آليات مرنة وفعالة للحد من الإضرابات المتواصلة في ميناء العقبة منذ العام الماضي من قبل أصحاب الشاحنات الفردية، ووصلت حالياً لموظفي وعمّال مؤسسة الموانئ، الأمر الذي أثّر على أداء وإجراءات الاستيراد عبر الميناء الأردني وتشويش سمعته الخارجية، ويؤكد البيان المطالبة بضرورة بذل الجهود المتواصلة للحد من هذه الإضرابات وضمان عدم تأثيرها على الأداء الاقتصادي بأيّ شكلٍ من الأشكال.
لا ندري بالضبط إلى ماذا ترمي غرفة تجارة عمان في كيفية معالجة الإضرابات والحد منها ومنعها، وهل يقصد التحريض على استخدام قوات الدرك كما حدث سابقاً وأدى إلى وقوع وفيات وإصابات خطيرة، وما هي الوسائل المقترحة لضمان عدم تأثيرها على الأداء الاقتصادي!!.
كان الأحرى بغرفة تجارة عمان ورئيسها الذي يؤكد خوفه من أنّ الإضرابات سوف تؤدي إلى خلق أزمة اقتصادية، أن يسارع إلى حلّ هذه الأزمة بتشكيل لجنة نزيهة للوقوف على مطالب المضربين ومحاورتهم، وضرورة الإسراع في الاستجابة إلى مطالبهم المعقولة، قبل استفحال الأزمة، وقبل تعرض البضائع إلى التلف، والتسبب بخسائر فادحة، كان بالإمكان تلافيها أو التخفيف منها على الأقل عن طريق جدولة هذه المطالب، ضمن الإمكانيات المتاحة، وبأساليب عقلانية هادئة، بعيداً عن أيّة نوايا أو مقاصد تتصل بالعنف أو باستخدام أساليب المراوغة والمخادعة.
يجب أن يعرف التجار، وأصحاب المصالح الاقتصادية وجميع المؤسسات ذات العلاقة، كما يجب أن يعرف السياسيون على درجةٍ سواء، أنّ عمّال الموانئ، وكل العمّال في كلّ مواقعهم وكل الطبقات الدنيا من صغار الموظفين يعيشون ظروفاً صعبة، وكانوا قد صمتوا طويلاً على إقدام أصحاب الأموال على مصادرة حقوقهم، فالعمّال بحاجة ماسة إلى انتشالهم من أوضاعهم المأساوية، بتأمين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وعائلاتهم عن طريق توفير دخل معقول يتناسب مع ارتفاع مستوى المعيشة والغلاء وارتفاع الأسعار المذهل، كما يجب تأمينهم جميعاً بالضمان، وتوفير مظلة تأمين صحي معقولة، والتعويض عن أضرار العمل، وتوفير مقاعد جامعية لأبنائهم، وتوفير سكن مناسب، والأهمّ من ذلك إنصافهم أمام القضاء المتخصص من تسلط أصحاب العمل وتجبّر المسؤولين، وحمايتهم من تعسف الكبار والمتنفذين.
وهنا تجب الإشارة إلى أنّ الإضرابات العمّالية السلمية ظاهرة حضارية، تحدث في كل الدول الراقية والمتقدمة؛ فليس ذلك من قبيل الإساءة أو التشويش. وأخيراً يجب القول بالصوت الملآن، إنّ هؤلاء العمّال والموظفين لهم كرامة يجب أن تصان، ولهم مطالب مشروعة يجب الاستماع إليها بإصغاء واهتمام كبيرين، ومن حقهم التمتع بكامل حقوقهم الأساسية، وممارستهم حريتهم المقدسة، على قدمٍ سواء مع أصحاب الشركات والتجار والأثرياء.
لقد انتهت مرحلة الاستعباد ومرحلة التخويف والتهديد ومصادرة الحقوق، وإنّ الإصرار على تجاهل هذه الحقوق هو الذي يؤدي إلى تعميق الأزمة وإلحاق الأذى بالاقتصاد الأردني.
( العرب اليوم )