رواية الأرض الطيبة
أستغرب ممن يرفضون قراءة الأدب و يصنفونه ضمن "مضيعة الوقت " .. بالنسبة لي الأدب هو رحلة إلى حضارات و مجتمعات أخرى .. هو فرصة للاطلاع على ثقافة الآخر .. و أيضا تصلك مشاعر و تفاصيل حياة لن يقدمها أي كتاب علمي أو تاريخي .
أنهيت للتو قراءة رواية الأرض الطيبة أو The Good Earth لمؤلفتها بيرل باك ، قرأت النص المترجم مع أنني افضل قراءة النص الأصلي حتى لا يقف المترجم عائقا بين المؤلف و القارئ . الرواية تتحدث عن فلاح فقير من الريف الصيني يتعرض للكثير من المواقف و في النهاية يصبح أغنى أغنياء القرية و في اقتباس جميل من الرواية:
" و كان يفتخر بأن يقال عن بيت آل وانج أو بيت الرجل الكبير ،إلا أنه مع تقدم عمره بدأ لا يكترث بهذا و لا ينظر لنفسه إلا كرجل صنعته الأرض بعد أن أخلص لها "
أحداث الرواية تدور في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى و على أبواب اندلاع الثانية ، و ناقشت العديد من القضايا كالقحط و الجوع - و ليس اي جوع بل ذاك الذي هو جسر العبور للموت - و الهجرة و التجنيد الاجباري للفقراء و آثار الفرق الشاسع بين الفقراء و الأغنياء ليس لأن أحدهم يعمل أكثر فيستحق أكثر ،بل لأن الظلم كان السبب .
"وانج: ترى هل يستمر الحال هكذا ؟
الرجل: ليس إلى الأبد .. هذا حينما يكون الفقراء أكثر فقرا من اللازم و حين يكون الأغنياء أكثر غنى من اللازم "
كُتبت الرواية عام 1931 و حازت على جائزة نوبل في الأدب .
مواقف استوقفتني :
- يذكر الراوي أن البطل "وانج " لم ينس شراء الملابس لتمثال المعبد البوذي ، أستغرب كيف يؤمن الانسان بإله على أنه إله ثم يكون هو -الانسان- من يكسيه ..
-الرواية كتبت في بدايات استخدام القطار فعبر الفلاحون البسطاء عنه "بالعربات النارية " و كان لديهم خوف شديد من ركوب هذا المجهول ..
- زوجة "وانج " و اسمها "أولان " تحدثت بكل برود عن بيع ابنتها الصغيرة و كانت قد بيعت من قبل أهلها قبل 20 سنة و تعرضت للضرب و الاهانات .. هل تغير الظروف القاهرة فطرة الأم تجاه ابنتها لتكون بهذه القسوة ؟!
- في مشهد سقطت قذيفة على بيت أغنى أغنياء القرية و أشدها ظلما ، فلم يتردد الفقراء من الهجوم و الانتقام و أخذ كل ما استطاعوا أخذه ...أتخيل لو فكر صاحب البيت مرة بمشاعر هؤلاء ، إن لم يمتنع عن الظلم فأقل ما يمكن أن يفعله عاقل ألا يبني بيته بكل تجبر وسط بيوتهم المهترئة ، تحسبا ليوم وقوعه .. لكن هذا يحتاج أناس تشعر و تعقل ..
اقتباس أخير:
"و تفكّر في ان الانسان لا يدري كم تقدم به العمر ، إلا حين يرى الآخرين "