استقراراقتصادي قبل الانطلاق

الوصف الذي يمكن إطلاقه على حالة الاقتصاد الأردني في الوقت الحاضر هو الاستقرار النسبي، فلم يعد هناك هبوط أو تراجع. وبعد الاستقرار يبدأ الانطلاق والنمو لتعويض ما فات، ومن هنا محاولات تصعيد الاعتصامات والإضرابات والهتافات لمنع الأردن من اجتياز التحديات وإلحاقه بالفوضى الخلاقة.
وإذا كانت البنوك تمثل باروميتراً لقياس حرارة الاقتصاد الوطني، فإن النتيجة التي نخلص بها هي حالة الاستقرار، فقد أعلنت معظم البنوك الأردنية عن أرباح نصف سنوية تعادل ما حققته في نفس الفترة من العام الماضي أو تزيد عنه قليلاً.
وتشير الأرقام المنشورة إلى أن ودائع البنوك نمت خلال 12 شهراً ماضية بمعدل 1ر9% تقريباً، كما ارتفعت التسهيلات المصرفية المقدمة للقطاع الخاص بنسبة 9ر9%، وزاد عرض النقد بمعناه الواسع بنسبة 1ر9%، فإذا حذفنا 1ر4% تمثل التضخم، فإن النمو الحقيقي لا يقل عن 5%، وإن كانت الإحصاءات الرسمية تعطي للنمو الاقتصادي نسبة أقل.
الذين تخوفوا على مستقبل الدينار، ولجأوا للتحول إلى الدولار كملاذ آمن، ظلوا قلة غير مؤثرة، وبلغ ما حوّلوه خلال 12 شهراً الماضية ما لا يزيد عن 8ر3% من حجم الودائع الكلية وبذلك ارتفعت الدولرة قليلاً ولكنها ظلت هامشية.
هناك مؤشرات أخرى تعطي صورة عن حالة الاقتصاد الأردني، كالسياحة التي تحقق نمواً كبيراً، وخاصة السياحة العلاجية. وحوالات المغتربين التي استقرت خلال الثلث الأول من السنة لتبدأ الارتفاع خلال الشهور الأخيرة، مما يؤكد استرداد الثقة العامة.
هذا لا يعني أن نتجاهل المؤشرات الاقتصادية السلبية، وفي المقدمة جمود الصادرات الوطنية مع استمرار نمو المستوردات، مما يؤدي إلى اتساع العجز في الميزان التجاري وزيادة الضغط على ميزان المدفوعات، وكذلك انخفاض احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وإن كان ما يزال في حدود آمنة، ويؤمل أن يبدأ في استرداد ما فقده خلال الشهور القادمة.
نقطة الضعف الرئيسية تبقى بارزة في المجال المالي، أي عجز الموازنة وارتفاع المديونية، وقد وصلت الحالة إلى وضع غير قابل للاستمرار، ومن هنا جاء برنامج التصحيح الجديد بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، الذي سيركز بشكل خاص على التعامل مع نقطة الضعف هذه، وإزالة الاختلالات الاقتصادية، واستئناف النمو بمعدلات جيدة.
( الرأي)