النخيل والتمر الأردني في العلالي

توسعت زراعة أشجار النخيل في الأردن على نحو متسارع خلال السنوات الأخيرة، بعد أن توجه عدد كبير من المزارعين لزراعة أراضيهم بهذه الشجرة المباركة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم لمرات عديدة، بما يوحي بأن النمط الزراعي الأردني آخذ في التنوع الذي يجنبه حالة التركيز المزمن على زراعات بعينها من الخضار والأشجار المثمرة، باتت تعاني من اختلالات تسويقية في الاستهلاك المحلي والتصدير في بعض الأحيان، في الوقت الذي يصبح فيه التنوع المناخي وطبيعة التربة ومستوى أمطارها الى أصناف مزروعات اخرى يتم تجاهلها بلا أي مبرر ! .
النجاحات المتواصلة لزراعة النخيل خلال فترة زمنية قصيرة تعتبر خير دليل على أن المزارع المحلي بحاجة ماسة إلى ان ينوع خياراته الزراعية ليقتحم انماطا جديدة لم تكن في الحسبان حتى وقت قريب، فبعد ان كانت شجيرة النخيل متناثرة في بعض مزارع الأغوار من اجل إضفاء جمالية على المشهد الطبيعي لا غير، ها هي تعانق السماء بعدد يقترب من حوالي نصف مليون شجرة مزروعة على مساحة تزيد عن خمسة وعشرين الف دونم في وادي الأردن ومناطق العقبة وأراضي الديسي وغيرها ! .
الأهم من ذلك هو اعتبار منتجات التمور الأردنية من أفضل الأصناف العالمية، لأنها راعت في اختيارها بين أجود الأنواع واحدث التجارب وما يلائم الطبيعة المحلية، مما اهلها للتصدير الى عدد كبير من الدول العربية والأجنبية مع توفر مشاغل تعبئة وتدريج وتغليف في المزارع الكبرى، إضافة إلى إقبال نسبة لا بأس بها من المستهلكين عليها على الرغم من أسعارها المرتفعة قياسا على غيرها من المنتجات الخارجية، بخاصة من صنفي "البرحي" و"المجهول" الذي بلغ الإنتاج السنوي منهما ما يزيد على ستة عشر الف طن.
انجازات كبيرة حققتها زراعة النخيل خلال فترة قياسية فهي لم تبدأ في التوسع الا في نهاية التسعينيات من القرن الماضي لتصبح خلال اقل من خمسة عشر عاما من الزراعات المهمة في البلاد بخاصة بعد عام 2005م على وجه التحديد، حيث قامت وزارة الزراعة بالتشجيع عليها عن طريق تقديم القروض الميسرة وتم تأسيس جمعيتي التمور الأردنية والمنتجين والمصدرين لها، مما أعطاها افاقا اكبر في إنتاج القطاع الزراعي ينتظر لها المزيد من القفزات النوعية مستقبلا، اذا ما تم منح التسهيلات اللازمة وتقديم الرعاية التي لا بد منها في مجالات البحث والإرشاد الزراعي ومعالجة مشكلات المزارعين الذين يتجهون نحوها.
توقعات المختصين تشير إلى أن التوسع في زراعة النخيل على مساحات كبيرة اخرى صالحة لها من الأراضي الأردنية، قد تؤدي إلى إسهامها بمئات الملايين من الدنانير في قائمة الإنتاج الزراعي الوطني، بدليل ان المردود الاقتصادي من صنف "المجهول" وحده قد يرتفع إلى اكثر من أربعين مليون دينار، حتى ان تركيا تجري مفاوضات مع جمعية منتجي ومصدري التمور لشراء المحصول الأردني كاملا من هذا الصنف ذو الجودة العالية، الا ان ارتباط عدد من المزارعين بعقود تصديرية اخرى يحول دون ذلك .. لهذا فان النخيل والتمر الأردني هو في العلالي إذا ما تم الاستثمار في هذه الزراعة الواعدة جيدا ما دامت التقديرات تفيد بان المساحات المزروعة من النخل حتى لو تضاعفت عشر مرات عما هي عليه فلا يمكن أن تحدث أي اختناقات تسويقية ! . (العرب اليوم)