النووي الأردني واسرائيل
تم نشره الأحد 16 أيلول / سبتمبر 2012 01:09 صباحاً

د.باسم الطويسي
لا تقل أهمية تصريحات الملك حول مصدر الضغوط التي يواجهها الأردن في استكمال برنامج الطاقة النووية، والتي أدلى بها ضمن المقابلة الصحافية مع وكالة الأنباء الفرنسية، عن المعلومات التي قدمها جلالته في مجال التأكيد على إجراء الانتخابات النيابية نهاية هذا العام، في الوقت الذي لم يتوقف الإعلام المحلي أمام هذا الأمر كانت هذه المسألة اكثر وأهم ما تناوله الإعلام الدولي في المقابلة.
بقي مستقبل برنامج النووي الأردني لإنتاج الطاقة السلمية غامضا ويواجه بسلسلة من الهجمات الخارجية والداخلية وآخرها وأقواها الهجوم الذي وجهه مجلس النواب الحالي قبل عدة أشهر من هذا العام، ووصل الأمر بهذا المجلس الى التصويت على وقف العمل في البرنامج النووي تحت ذرائع وحجج واهية هي في المحصلة تصب في الأجندة الإسرائيلية التي حسم الملك موقفها بكل وضوح؛ بأنها الجهة الوحيدة في العالم التي تحشد داخليا وخارجيا ضد البرنامج النووي الأردني المخصص للأغراض السلمية، تصوروا حجم الإدانة التي يستحقها هذا المجلس حينما ذهب - طبعا بدون تخطيط ودراية - الى تبني الاجندة الإسرائيلية ووقع في حبائلها وتلمس مبرراتها للهجوم على برنامج وطني يعد بالمنظور الاستراتيجي مسألة حياة أو موت للدولة الأردنية وللحياة على هذه الأرض.
جاءت تصريحات الملك حول الموقف الإسرائيلي من البرنامج النووي الأقوى والأهم في المقابلة الصحفية، وعرّت الموقف الإسرائيلي الرافض لبناء دولة وطنية قوية وذات سيادة على حدوده الغربية المصطنعة، وهو الأمر الذي يتجاوز الحسابات الآنية والسطحية لبعض النخب المحلية البرلمانية والحكومية والناشطين في مجالات البيئة وغيرها. كان الملك واضحا بأن إسرائيل تعرقل تقدم مشروع الطاقة النووية، وأنها عمليا تذهب إلى تحريض الدول الصديقة كلما حقق الأردن خطوة للأمام أو وقع اتفاقية تعاون مع تلك الدول لمنعها من تقديم الخبرة أو دعم القدرات الأردنية، لذا جاء رد الفعل الإسرائيلي سريعا في محاولة للتملص من هذه الإدانة التي تكشف سلسلة طويلة من الأفعال المشاكسة والدعائية والإعاقة التي تعرض لها البرنامج الأردني، وهي أفعال لا تقل عن أفعال الحرب في منظور بعض الدول لأنها تصيب المصالح الوطنية العليا.
كان الملك واضحا أيضا بأن المبررات التي ذهبت إلى معارضة المشروع تحت حجة ارتفاع الكلف مبررات واهية وضعيفة، فما أهدره الأردن من أموال وما ترتب عليه جراء انقطاع الغاز المصري خلال عام ونصف العام كان يكفي لإنشاء محطة نووية متكاملة، فالطاقة النووية بالمعايير الاقتصادية المعاصرة طاقة رخيصة. ولعل هذه المفارقة تكشف حجم الهوان الذي أدخَلنا فيه الارتجال السياسي والإداري الذي مارسته نخب من الهواة يفتقدون الخبرة والمعرفة ويرون البلاد من ثقب الأبرة.
حسم الملك هوية من لا يريدون الاستمرار في المشروع النووي الأردني، من يريدون أن يبقى الأردن دولة ضعيفة تُنتَهك سيادتها الوطنية تحت وطأة ضغوط الطاقة والمياه واستجداء المساعدات، من يريدون أن يبقى محبس المياه ومفتاح الكهرباء وراء الحدود يتم التحكم به وبمصيرنا، من يريدون أن تلعنّا الأجيال القادمة التي سنتركها مشردة يقتلها العطش والبرد في عرض الصحراء إذا ما استمر هذا الحال، من لا يقدرون حجم المشكلة وحقيقتها. بعد ذلك الحسم والوضوح فالحرج الحقيقي والإدانة ليست لجماعات البيئة والسلامة العامة التي يجب أن تقدر مواقفها وأن ندعوها للاستمرار في الدفع بمخاوفها لضمان أعلى شروط الجودة والأمان النووي، الحرج الحقيقي والإدانة الفعلية توجه للسيدات والسادة نواب الأمة ولبعض النخب الحكومية وغيرهم الذين تواطأوا مع التعليمات القادمة من الخارج بعلم أو بدون علم.
البرنامج النووي الأردني يحتاج في هذا الوقت أن يأخذ زخمه الحقيقي، أن يدفع به إلى الأمام إلى جانب موارد الطاقة الأخرى وفي مقدمتها الطاقة الشمسية التي سمعنا مطولا عن مشاريعها بدون نتائج؛ مزيج الطاقة المنتج محليا هو مستقبل الأردن، وفي مقدمته الطاقة النووية الذي يحتاج مزيدا من الشفافية والوضوح والمساءلة حتى لا نقع في كل مرة ضحية للارتجال السياسي.
( الغد )
بقي مستقبل برنامج النووي الأردني لإنتاج الطاقة السلمية غامضا ويواجه بسلسلة من الهجمات الخارجية والداخلية وآخرها وأقواها الهجوم الذي وجهه مجلس النواب الحالي قبل عدة أشهر من هذا العام، ووصل الأمر بهذا المجلس الى التصويت على وقف العمل في البرنامج النووي تحت ذرائع وحجج واهية هي في المحصلة تصب في الأجندة الإسرائيلية التي حسم الملك موقفها بكل وضوح؛ بأنها الجهة الوحيدة في العالم التي تحشد داخليا وخارجيا ضد البرنامج النووي الأردني المخصص للأغراض السلمية، تصوروا حجم الإدانة التي يستحقها هذا المجلس حينما ذهب - طبعا بدون تخطيط ودراية - الى تبني الاجندة الإسرائيلية ووقع في حبائلها وتلمس مبرراتها للهجوم على برنامج وطني يعد بالمنظور الاستراتيجي مسألة حياة أو موت للدولة الأردنية وللحياة على هذه الأرض.
جاءت تصريحات الملك حول الموقف الإسرائيلي من البرنامج النووي الأقوى والأهم في المقابلة الصحفية، وعرّت الموقف الإسرائيلي الرافض لبناء دولة وطنية قوية وذات سيادة على حدوده الغربية المصطنعة، وهو الأمر الذي يتجاوز الحسابات الآنية والسطحية لبعض النخب المحلية البرلمانية والحكومية والناشطين في مجالات البيئة وغيرها. كان الملك واضحا بأن إسرائيل تعرقل تقدم مشروع الطاقة النووية، وأنها عمليا تذهب إلى تحريض الدول الصديقة كلما حقق الأردن خطوة للأمام أو وقع اتفاقية تعاون مع تلك الدول لمنعها من تقديم الخبرة أو دعم القدرات الأردنية، لذا جاء رد الفعل الإسرائيلي سريعا في محاولة للتملص من هذه الإدانة التي تكشف سلسلة طويلة من الأفعال المشاكسة والدعائية والإعاقة التي تعرض لها البرنامج الأردني، وهي أفعال لا تقل عن أفعال الحرب في منظور بعض الدول لأنها تصيب المصالح الوطنية العليا.
كان الملك واضحا أيضا بأن المبررات التي ذهبت إلى معارضة المشروع تحت حجة ارتفاع الكلف مبررات واهية وضعيفة، فما أهدره الأردن من أموال وما ترتب عليه جراء انقطاع الغاز المصري خلال عام ونصف العام كان يكفي لإنشاء محطة نووية متكاملة، فالطاقة النووية بالمعايير الاقتصادية المعاصرة طاقة رخيصة. ولعل هذه المفارقة تكشف حجم الهوان الذي أدخَلنا فيه الارتجال السياسي والإداري الذي مارسته نخب من الهواة يفتقدون الخبرة والمعرفة ويرون البلاد من ثقب الأبرة.
حسم الملك هوية من لا يريدون الاستمرار في المشروع النووي الأردني، من يريدون أن يبقى الأردن دولة ضعيفة تُنتَهك سيادتها الوطنية تحت وطأة ضغوط الطاقة والمياه واستجداء المساعدات، من يريدون أن يبقى محبس المياه ومفتاح الكهرباء وراء الحدود يتم التحكم به وبمصيرنا، من يريدون أن تلعنّا الأجيال القادمة التي سنتركها مشردة يقتلها العطش والبرد في عرض الصحراء إذا ما استمر هذا الحال، من لا يقدرون حجم المشكلة وحقيقتها. بعد ذلك الحسم والوضوح فالحرج الحقيقي والإدانة ليست لجماعات البيئة والسلامة العامة التي يجب أن تقدر مواقفها وأن ندعوها للاستمرار في الدفع بمخاوفها لضمان أعلى شروط الجودة والأمان النووي، الحرج الحقيقي والإدانة الفعلية توجه للسيدات والسادة نواب الأمة ولبعض النخب الحكومية وغيرهم الذين تواطأوا مع التعليمات القادمة من الخارج بعلم أو بدون علم.
البرنامج النووي الأردني يحتاج في هذا الوقت أن يأخذ زخمه الحقيقي، أن يدفع به إلى الأمام إلى جانب موارد الطاقة الأخرى وفي مقدمتها الطاقة الشمسية التي سمعنا مطولا عن مشاريعها بدون نتائج؛ مزيج الطاقة المنتج محليا هو مستقبل الأردن، وفي مقدمته الطاقة النووية الذي يحتاج مزيدا من الشفافية والوضوح والمساءلة حتى لا نقع في كل مرة ضحية للارتجال السياسي.
( الغد )