إعادة الجنسية رفع للظلم

قرار الحكومة الأردنية بإعادة ما يقارب مائتي رقم وطني لمواطنين أردنيين نزعت جنسيتهم خلافاً لقانون الجنسية الأردني، يشكل نقطة صغيرة على صفحة رفع الظلم عن عشرات الآلاف من المواطنين، ممن عانوا الأمرين؛ نتيجة تعليمات تتناقض كلياً مع الدستور الأردني وقانون الجنسية الأردني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية التي صادق عليها الأردن وتم نشره في الجريدة الرسمية في منتصف عام 2006.
وينص القرار المذكور حسبما نشر في وسائل إعلامية على «إعادة الأرقام الوطنية لحاملي بطاقات الجسور، ممن فقدوا حق المواطنة في الضفة الغربية، أو سحبت منهم بطاقات إحصاء الجسور الصفراء على هذا الأساس».
كما تضمن قرار الحكومة «تشكيل لجنة لدراسة التعليمات النافذة ومعالجة الاختلاف في نص المادتين 2 و11 من التعليمات الصادرة عن وزير الداخلية عام 2002».
والمتتبع لإجراءات نزع الجنسيات (إلغاء الرقم الوطني) المعتمدة على تعليمات أمنية وإدارية لا تنسجم وأحكام قانون الجنسية الأردني؛ حيث تنص القاعدة الفقهية أن القانون يجب ألا يخالف الدستور، كما أن التعليمات يجب ألا تخالف أحكام القانون، حيث تتم عملية نزع الجنسية وفقاً للقواعد المعلنة التالية:
أولاً: من يقيم إقامة دائمة داخل أراضي السلطة الفلسطينية يوم 31/7/1988، أي يوم قرار فك الارتباط بين الضفة الغربية والضفة الشرقية من نهر الأردن، وبكلمات أخرى فض الوحدة بين الضفتين.
ثانياً: من يعمل لدى السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية.
ثالثاً: من يحمل وثيقة سفر فلسطينية وجواز سفر السلطة الفلسطينية.
رابعاً: من تم منحه جنسية أردنية بالخطأ ولو كان ذلك قبل عقود.
خامساً: قرارات إدارية ذات صبغة أمنية دون إبداء الأسباب.
سادساً: من كان حاصلاً على إقامة دائمة وخرج من فلسطين المحتلة، سواء كان ذلك قبل أو بعد قرار فك الارتباط، ولم يتم تجديد عودته أي فقدان حقه بالعودة.
سابعاً: أبناء الشخص الذين سحبت جنسياتهم، وخاصة الأطفال منهم.
ثامناً: تعديلاً للتعليمات التي لم تطبق وتم نشرها في صحيفة يومية في الربع الأول من هذا العام، وتتضمن كل شخص شمله الإحصاء الإسرائيلي بعد عدوان حزيران 1967، وكل من كان مطلوباً لخدمة العلم ولم يؤدها.
إن جميع ما ذكر أعلاه يتناقض مع قانون الجنسية الأردنية الذي حدد ثلاث حالات يجوز فيها لمجلس الوزراء بموافقة الملك نزع الجنسية عن مواطن أردني؛ ومنها: الخيانة العظمى، العمل لدى دولة عدوة، العمل لدى دولة ويطلب منه العودة ويرفض.
لهذا فإنني اعتبرت قرار مجلس الوزراء خطوة صغيرة على الطريق طريق رفع الظلم.
ويبقى سؤال: هل سيتم تفريغ هذا القرار من مضمونه كما حصل مع توجيه جلالة الملك بالعمل على إلغاء الاستثناءات في القبولات الجامعية؟
لأن الفهم لهذا القرار يعني إعادة جميع من سحبت جنسياتهم؛ نتيجة لانتهاء صلاحية تصريحاتهم بالعودة إلى فلسطين المحتلة تلقائياً، لذا فالمطلوب من الحكومة الإعلان بالتلفاز والصحافة والمواقع الالكترونية بدعوة من ينطبق عليهم القرار مراجعة دائرة الجوازات والأحوال المدنية إلى إعادة جنسياتهم المنزوعة.
والمطلوب من الحكومة أيضاً أن توسيع مظلة القرار يشمل باقي الشرائح؛ حيث إن القانون المعمول به للجنسية لا ينص على حظر المواطن حمل أكثر من جنسية على فرض أن وثيقة السفر الفلسطينية أنها جنسية، ولكن ذلك لا يمكن اعتمادها، حيث إن فلسطين ليست مستقلة ولا دولة عضواً في الأمم المتحدة.
والمطلوب من الحكومة أيضاً أن تنشر نص التعليمات الكامل لتطبيق فك الارتباط، وضرورة تعديل التعليمات بما يتفق وقانون الجنسية الأردني والعهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
بهذا نكون قد خطونا خطوة جادة نحو تعديل دولة سيادة القانون. ( السبيل )