لماذا تبقى السياحة الأردنية الأعلى تكلفة؟

ما كشف عنه وزير السياحة من أن الأردن يعد الأعلى تكلفة أمام السائح من بين دول المنطقة ذات الطابع السياحي ومن بينها تركيا ومصر ولبنان، يفترض ان يفتح الباب أمام مراجعة شاملة لكل المعطيات التي أدت إلى هذه النتيجة، إذا ما كان الهدف هو تنمية السياحة الأردنية وتطورها لابقائها على ما هي عليه دون اختراقات جوهرية، بل حتى تعرضها للتراجع لا بسبب عوامل خارجية من الصعب السيطرة عليها فقط، وانما لدواع داخلية هي في صلب البنية الأساسية للقطاع السياحي الأردني على اختلاف مقوماته وبرامجه ونشاطاته!
الدخل السياحي من الموارد الرئيسية التي يجب الاعتماد عليها في رفد الاقتصاد الوطني ما دام حافلا بكنوز أثرية ومعالم حضارية قادرة على الجذب من مختلف انحاء العالم، لكن ذلك لا يمكن ان يتحقق على النحو الذي ينبغي ان يكون عليه دون تخطيط سياحي مدروس، يأخذ في الاعتبار ان السياحة الأردنية مرشحة لان تكون طاردة اكثر منها جاذبة، في ظل زيادة التكاليف دون مبرر موضوعي لكل من السياحة الداخلية والخارجية على السواء!
حتى لو أظهرت بينات البنك المركزي ارتفاع عائدات الدخل السياحي بحوالي تسعة عشر بالمئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي لتصل الى 2.4 مليار دولار مقارنة مع ملياري دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، فان الفضل في ذلك يعود إلى السياحة العلاجية اكثر من غيرها بعد أن احتلت الأولى عربيا في هذا المجال وهدفها الرئيسي طبي وليس سياحيا كما هو معروف، في حين ان النشاطات الاخرى ذات الطابع السياحي شهدت تراجعا ملموسا لا بد من الاعتراف به حتى يعود الفضل إلى أهله، وان لا تُجير الأرقام لتعكس الصورة على غير حقيقتها هروبا من استحقاقات التغيير التي تفرض نفسها على مجمل العملية السياحية الوطنية!
احدث الأرقام الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة تفيد ان عدد زوار مدينة البتراء وهي المعلم السياحي الأردني الأهم والتي ادرجت ضمن عجائب الدنيا السبع الجديدة قبل حوالي خمس سنوات، قد انخفضت خلال الأشهر الثمانية الماضية من هذا العام أيضا بنسبة 4% لتصل إلى 399 ألف زائر مقارنة مع 415 ألف زائر خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وتراجع زوار جرش بنسبة عشرة بالمئة وكذلك الحال مع المناطق السياحية في الكرك بنسبة 26% وجبل نيبو بنسبة 13%، مما يوحي بان ارتفاع الدخل السياحي قد يعود الى عوامل تضخمية اكثر منه انتعاشا في هذا القطاع الحيوي الذي ما زال يعاني من ارتباكات مزمنة دون حلول عملية!
لا نملك سوى التفاؤل في ان تحقق استراتيجية السياحة للأعوام 2013م-2015م نجاحات على ارض الواقع في الوصول إلى أهدافها برفع عوائد السياحة الى اكثر من أربعة مليارات دينار، عن طريق محاورها التي تتمثل في تطور التسويق والترويج وتنمية المنتج السياحي في توفير تجربة مميزة وغنية للسياح وتهيئة سوق العمل من خلال تأهيل قوى عاملة على درجة عالية من المهارة وتحسين القدرة التنافسية للسوق الأردني، إلا ان ذلك كله لا يمكن ان يتم بمعزل عن تخفيض التكاليف التي يتكبدها السائح العربي والأجنبي لتصبح جاذبة له بالقياس مع الأسواق السياحية الأخرى، أما السائح الأردني فقد فقد الأمل منذ زمن بعيد في سياحته الداخلية ليتحول إلى رافد مهم للبرامج الخارجية الرخيصة والمميزة حتى لو تسبب ذلك في تصدير مئات الملايين من العملات الصعبة في رحلاته خارج الوطن! ( العرب اليوم )