القدس لم تعد عروس عروبتنا

للمرة الثانية، تنجح خطط سخيفة في إثارة العالم الاسلامي، مع أن كل عربي ومسلم يعرف أنْ لا قيمة لهذه الأعمال، بدءا من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول ، إلى الفيلم السخيف الذي لا يرقى إلى حَدِّ استحقاق المشاهدة، لأن الشخص العظيم لا تَمسّه مثل هذه الأعمال، التي وقود أصحابها الفتنة، وعقل صانعيها التخريب.
في العالم العربي والاسلامي هناك ما يستحق الثورة أكثر من أعمال سخيفة كرسمة او فيلم تافه، هناك القدس، فهل نَسيتُم القدس يا مسلمون؟
في المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية الشهيرة وبالرعاية الأمريكية في واي ريفير في 23 أكتوبر 1998 ، وعندما وجّه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون حديثه بالنصيحة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بأن عليك أن توافق فورا على العرض الإسرائيلي بالانسحاب من 91 % من أراضي الضفة الغربية، لأنك لن تحصل على أفضل من ذلك مستقبلا، ردّ عرفات وبلهجته المصرية المكسّرة، "إلا القدس يا سيادة الرئيس، ما اقدرش، دي وراها مليار مسلم، وهي في عهدة كل الحكام العرب والمسلمين ."
القدس التي تُنفّذُ حكومات إسرائيل ومنظمات المستوطنين منذ سنوات خطة لتطويق المدينة القديمة بتسع حدائق عامة وممرات للمشاة وغيرها من المواقع، بهدف إجراء تغيير جذري في الوضع القائم في المدينة، لتعزيز القدس عاصمة لإسرائيل.
الخطة كانت سرّية جداً، والآن اصبحت في العلن والدافع من ورائها، كما قالت منظمة إسرائيلية مستقلة، مستوحى من أيديولوجية اليمين المتطرف، لفرض هيمنة إسرائيل على المنطقة الواقعة حول المدينة القديمة. وتكشف كيف أن الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين يعملون كهيئة واحدة، يفرضون هيمنة توراتية على القدس، من خلال ربط مستوطنة أرمون هاناتزيف المتاخمة لجبل المكبّر وحي السلوان جنوب القدس ورأس العمود وجبل الزيتون في الشرق والشيخ جراح في الشمال.
والخطة واضحة تماما، وتريد أن تُخرج القدس من أي مشروع لحل سياسي في المستقبل، كما تُخرج إسرائيل الآن قضية حق العودة من أي مشروعات سياسية.
مشروعات استيطانية ذات طابع جهنمي، تصل إلى حدود هدم منازل حوالي 60 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، وهدم أجزاء من الكنائس المسيحية، وتهديد الأقصى بالتدمير من خلال الحفريات التي لم تتوقف تحته.
هذه الخطوات التهويدية، جَسَّدها الرئيس الامريكي باراك أوباما، قبل أيام عندما غير الديمقراطيون الامريكيون خطاب برنامجهم الانتخابي ليعلنوا تأييدهم لأن تكون القدس عاصمة اسرائيل بعد اعتراض الرئيس على الإغفال وبعد اتهام الجمهوريين لهم بإظهار تأييد ضعيف لحليفة أمريكا وربيبتها اسرائيل، وهي تأتي ضمن رؤيته للحل، وهي لا تتعدى، كما أعلن ذلك وفي جامعة القاهرة تحديدا، منح الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا (وكأنهم الآن إمبراطورية) لا يرقى إلى حدود دولة مستقلة ذات سيادة.
إن ما يُجرى في القدس المحتلة حاليا، مجرد حلقة من مخطط يتم تنفيذه تباعا منذ الاحتلال الإسرائيلي في يونيو (حزيران) عام 1967 .
وما تتعرض له القدس خطير جدا، ولن تحميها الاجتماعات، وإصدار البيانات، وإقامة المهرجانات، وتأليف اللجان.
القدس، التي كانت ذات يوم عروس عروبتنا، مثلما أبدع الشاعر الكبير مظفّر النَّواب..
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها
ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها
وسحبتم كل خناجركم ، وتنافختم شرفاً
وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض ؟؟
فما أشرفكم...... ! .
( العرب اليوم )