يعيدون إنتاج القاعدة !

لم اشاهد الفيلم المسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام والمسمى « براءة الاسلام» ، ولكن ما فهمته ممن شاهدوه انه ذو مضمون تافه وسطحي وفاقد لابسط قواعد المهنية في الاخراج والصوت والصورة يعني ببساطة « كومة زبالة» على حد التعبير اللبناني ، وهو لم يلق اي رواج او شعبية او تأثير ما في اميركا او الغرب لانه ببساطة مجرد عمل فردي محدود الاثر ، والمفارقة المبكية – المضحكة ان رواج هذا العمل الفاشل كان في اوساطنا و لدينا وعندنا لدرجة ان الاطفال اخذوا يبحثون عنه على الغوغل واليوتيوب ويشاهدونه ، حتى ان ابني ليث وعمره 12 عاما قال لي في معرض حديثنا عن الموضوع « ان هذا الفيلم فاشل ولا يستحق الضجة ونحن يابابا من جعلنا منه شيئا مشهورا» .
انا اتفق تماما مع هذا الكلام والاهم ان هذا المنطق هو بالضبط ما نريده لمكافحة التطرف سواء القادم من الغرب او الموجود لدينا ، فرد الفعل الذي مارسه المتطرفون باسم الاسلام وتحت ذريعة الدفاع عن الرسول الاعظم هو اكبر خدمة لمن يريد تشويه صورة الاسلام ودمغه بالدين المتطرف والدموي ، فالهجوم على الهيئات الدبلوماسية وقتل السفراء وغيرها من التصرفات المدانة اخلاقيا والمرفوضة قانونيا لم تفعل شيئا لصالح الاسلام والمسلمين وللاسف فانها قد تقوى من منطق اعداء الاسلام القائل ان الاسلام والمسلمين هم متطرفون ولا يفهمون الا لغة العنف وبالتالي نكون فقط قد زدنا من الاساءة الى ديننا الحنيف ونبينا العظيم .
هذا الفيلم المسيء هو عمل عنصري - فردي ولا يمثل راي جهة او حزب او جماعة وبالتالي فان الرد عليه ان كان هناك شيء يستحق الرد وتحديدا حيال مضمون مليئ بالخزعبلات والكلام الفارغ ، كان يجب ان يبتعد عن التعميم وينحصر فقط بالشخص او الاشخاص الذي ساهموا في انتاج هذا العمل ، كالملاحقة القانونية لهم وهو افضل الردود والوسائل ، لان الغرب ورغم احترامه لحرية التعبير فانه يعتبر اساءة استخدام هذه الحرية على النحو الذي جاء في الفيلم فعلا جرميا يعاقب عليه القانون ، وكلنا يعلم مدى تقديس الفكر الغربي للقانون وتطبيقه .
مازال لدينا متسع من الوقت لدخول العقلاء من رجال الدين والسياسيين الى ميدان هذه المعركة لتحكيم العقل واخراج المتاجرين بالتطرف خارجها ، والمطالبة برفع دعوى قضائية في احدى المحاكم الاميركية ضد منتجي الفيلم ، وعلينا ان نتخيل المشهد في حال ادانة هؤلاء المتطرفين وحبسهم او تغريمهم ، سنكون قد انتصرنا مرتين الاولى بادانة هؤلاء المتطرفين والثانية بتثبيت سابقة حكم قانوني في دولة كالولايات المتحدة ُتجرم من يمس الاسلام والعقيدة الاسلامية والنبي محمد صلى الله عليه وسلم .
لكن للاسف هناك من هم منا يستثمرون هذه المعارك التى تٌفتح بين حين واخر مرة بالرسومات الدانماركية المسيئة للرسول ومرة بحرق القران وغيرها ، هذا البعض يتغذى هو الاخر على التطرف و يريد لمثل هذه المعارك ان تبقى في اطار رد الفعل العنيف والجرمي الذي يزيدنا خسارة على خسارة .
ببساطة فان المتطرفين الغوغاء وفي مقدمتهم القاعدة هم الكاسب الاكبر من اخذ الشارع المسلم نحو السلوك الثأري الدموي ، فالعنف سلعتهم الوحيدة التى يعتاشون عليها و في اسوأ استغلال انه استغلال الدين . ( الرأي )