الأسرة الأردنية في مخيم الزعتري .. في الشارع!؟

هاتفني هذا الصباح المواطن الأردني الذي لجأ لمخيم الزعتري، طلبا للجوء الإنساني كما يقول، وسعيا للحصول على مواد غذائية مما يوزع على اللاجئين السوريين، كتبنا هنا عن هذا المواطن، كما كتبت زميلة صحفية، وقلنا أن قصة عبد الله البالغ من العمر 45 عاما، تشكل وثيقة إدانة للمجتمع كله، بشقيه الرسمي والشعبي، ويظهر أن ما يشغل بال النخب لا علاقة له بما يجري في زوايا المجتمع من مظالم !.
عبد الله رب أسرة أردنية دفعه الفقر للتسلل إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق، بعد أن فشلت محاولاتها في اقناع وزارة التنمية الاجتماعية بتأمين سكن من ضمن إسكان «الأسر العفيفة»، كانت قد حصلت عليه بمكرمة ملكية قبل عامين، عبدالله مصاب بمرض عضال، تشردت عائلته المكونة من ثمانية أفراد وطردت من منزلهم المستأجر بمنطقة بيادر وادي السير في عمان، وقد تحملت هذه الأسرة الأردنية مشقة الطريق من عمان إلى المفرق... وبهندامهم البالي ووجوههم الحزينة، وبلكنة «شامية» مكسّرة، كأنهم أسرة سورية هربت توا من حرب قاسية جارت على شعبها، تمكن من الحصول على مراده بتوفير خيمة صغيرة!.
يقول عبدالله وفقا لما نشر في صحافتنا أن «النوم في تلك الخيمة بالصحراء الموحشة والخدمات الشحيحة، أرحم من ظلم المسؤولين في عمان». ورغم أن عبدالله يخاف من أن يتم ضبطه في أي لحظة في مخيم الزعتري، كونه أردنيا ويحمل رقما وطنيا، لكنه لم يجد أي وسيلة للحفاظ على حياة أسرته من الموت البطيء، بعد أن باتت تنام في مقبرة وادي السير وأحيانا بمدرسة أم القرى في المنطقة نفسها!.
قصة عبد الله واحدة من مئات القصص التي تثبت أن الإقصاء والتهميش لا يميز بين الناس، ولا مسقط رؤوسهم، لأن الظلم لا يعتني بطلب شهادة ميلاد تثبت مسقط الرأس، ولا هو يهتم بالاسم الأخير، الظلم أعمى، و»يعدل» في توزيع «فضائله» بين الضحايا... وثمة في قرى وبوادي ومحافظات ومخيمات هذا البلد المئات من القصص التي تدمي القلب، عن أسر لا تكاد تعرف الكفاف، فما بالك بالشبع..
عبد الله قال لي أن حالته ساءت أكثر بعد أن كتبنا عنه، فقد كانت التنمية تدفع اجرة المنزل الذي بقي فيه جزء من الأسرة، خاصة البنات، وكلما حاول الدخول إلى وزارة التنمية طرده الأمن، حينما قلت له ارسل لي تفاصيل حالتك عبر الإيميل، ضحك بمرارة، وقال لي: كيف؟ أنا مشرد في الشارع!
قصة عبد الله وثيقة إدانة لنا جميعا، وهذه القصة تحديدا وصلت إلى إعلامنا، وثمة قصص لم تصل وهي أكثر إيلاما، ولا ندري ما حجمها، بحسرة شديدة، قال عبدالله في رسالته تلك «عيد الفطر السعيد (سعيد لمن؟) على الأبواب، وبت مشردا بلا مأوى أو طعام، وأجهل بقائي في مخيم الزعتري بين لاجئين سوريين هم أحوج مني إليه، إلى متى؟، لكن ما باليد حيلة سأبقى حتى تحل مشكلتي وتلتزم الوزارة بتسديد إيجار منزلي وإعطائي منزلا، حسب ما قرره القصر لي، ولم ينفذ حتى الآن!.
( الدستور )