لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!

هل نظام حكم بشار الأسد ضعيف أم قوي؟
عن هذا السؤال، يجيب واقع الصراع الطويل المرير في سورية قائلاً: إنَّ نظام الحكم هذا هو "الأضعف"، وهو "الأقوى"، في الوقت نفسه، بين أنظمة الحكم العربية جميعاً؛ إنَّه "الأضعف"؛ لكونه، شاء المنافحون عنه أم أبوا، عديم الوزن شعبياً؛ فالغالبية العظمى من الشعب السوري، والتي تَضُمُّ فئة واسعة من "الصَّامتين" عن خوف واضطِّرار وإكراه، تناصبه العداء، وتتمنَّى زواله عاجلاً لا آجلاً؛ وهذا إنَّما يعني أنْ لا صفة تمثيلية له، إذا ما كان تمثيله لشعبه هو معيار، أو مقياس، هذه الصفة التمثيلية؛ وإنَّه "الأقوى"؛ لكونه عَرَفَ كيف يَسْتَثْمِر الأهمية "الجيو - إستراتيجية" لسورية في الزَّج بقوى إقليمية (في مقدَّمها إيران) وقوى دولية (في مقدَّمها روسيا) في صراعه الضاري والمرير من أجل البقاء، مُكْتَسِباً، من ثمَّ، "صفة تمثيلية جديدة"، يكمن فيها سر قوَّته؛ فهو الآن ممثِّل المصالح الإستراتيجية لتلك القوى، والذي يُقاتِل، ويُقتِّل شعبه، دفاعاً عنها، معلِّلاً نفسه بوهم أنَّ هذا "الخارِج" سيحميه إلى الأبد من "الدَّاخِل"، الثائر عليه حتى إطاحته.
أمْران في منتهى السوء، وليس من مصلحة الشعب السوري، ولا "الربيع العربي" في ساحته السورية، أنْ يستمرا، وهما: "بقاء نظام حكم بشار الأسد، الذي هو بحُكْم الساقط بحسب كل معايير الحُكْم القابل للحياة، والجدير بها"، و"بقاء هذا الصراع الذي لن يُبْقي على شيء مِمَّا يجب أنْ يبقى في سورية بعد إطاحة نظام حكم بشار".
لا بدَّ من حلٍّ نهائي وسريع وعاجل؛ وأحسبُ أنَّ مبدأ (وقوام) هذا الحل لا خلاف عليه، لا بَلْ متَّفَق عليه، بين كل القوى الإقليمية والدولية التي تتصارع "ضِمْن" صراع الشعب السوري ضدَّ نظام حكم بشار الأسد؛ فهذه القوى المتصارعة (وبما يعود بالضرر على ثورة الشعب السوري، وبالنفع على نظام حكم بشار) تواضَعَت جميعاً على أنَّ الحل يمكن ويجب أنْ يأتي من طريق "أنْ يختار الشعب السوري بنفسه، وفي حرِّيَّة تامَّة، وبلا مزيدٍ من الدماء والدموع والدمار..، وبمنأى عن نزاع المصالح بين القوى الإقليمية والدولية، حكومته".
لكنَّ هذا الاتِّفاق على "المبدأ" أفسده، ويُفْسِده، "المُفْسِد (الشيطاني) الدائم"، وهو "الصراع الكامِن في التفاصيل"، والذي يَظْهَر واضحاً جليَّاً ما أنْ يسعى "المُتَّفِقون" في إجابة سؤال "كيف؟"، أيْ كيف يُتَرْجِمون هذا "الحل المبدئي" بـ "حلٍّ واقعي".
هل يريد الشعب السوري بقاء نظام حكم بشار الأسد؟
إجابة هذا السؤال، والتي فيها يكمن "الحل"، ومن طريقها ينبغي له أنْ يَظْهَر، حان لها أنْ تغدو عملية (واقعية). أمَّا "كيف"، فهذا ما ينبغي لمجلس الأمن الدولي تقريره وفعله.
إنَّ على هذا المجلس أنْ يجتمع ليُقرِّر أمْرَيْن (مُلْزِمَيْن) في منتهى الأهمية (حتى للجهود والمساعي المبذولة لجعل الأمم المتحدة مؤهَّلة، أو أكثر أهلية، لحل وتسوية أزمات كالأزمة السورية).
الأمر الأوَّل، هو "نَزْع السِّلاح، وكلُّ صراعٍ بالحديد والنار، أكان داخلي المَصْدَر أمْ خارجيه، من الأزمة السورية"؛ والأمر الثاني، هو "تعطيل، أو تعليق، العمل بـ "السيادة السورية (فلا سيادة لدولة يَفْقِد فيها الشعب سيادته)"، وبما يُمكِّن مجلس الأمن (والأمم المتحدة) من تنظيم، وتأمين، استفتاء شعبي (لا ريب في سلامته الديمقراطية) يُقرِّر فيه الشعب السوري، ويحسم، أمْر بقاء نظام حُكْم بشار مِنْ عدمه"، فإذا قرَّر "عدم بقائه"، وهو أمْرٌ في منزلة بديهية أنَّ دمشق عاصمة سورية، تولَّت الأمم المتحدة إدارة وقيادة المرحلة الانتقالية في سورية.
أمَّا إذا وَقَعَت "المعجزة"، واختار الشعب السوري بقاء نظام حكم بشار، فعندئذٍ، وعندئذٍ فحسب، يصبح أمراً يُقِرُّه "العقل" و"الواقع" أنْ تَقْبَل "قوى المعارَضة" دعوة نظام الحكم هذا لها إلى "حوارٍ من أجل الإصلاح"، إذا ما دعاها إليه.
وفي هذا الذي قُلْنا تكمن "ضرورة"، لا يجادِل فيها، أو في كَوْنها ضرورة حقَّاً، إلاَّ كل من له مصلحة في أحد الأمْرَيْن اللذين هما في منتهى السوء؛ ولسوف نسمع المتعصِّبين لبقاء نظام حكم بشار يتكلَّمون عن "المحظورات"، مستَذْرِعين بها لرفض "الاقتراح"؛ لكنْ أليس في وَقْف هذا التقتيل للشعب السوري، وهذا التدمير لسورية، "ضرورة" تبيح "محظورات"، ولو كانت بقوَّة "المحظورات الدينية"؟!
لا بدَّ من التقدُّم إلى مجلس الأمن باقتراح كهذا ولو بغرض إثبات وتأكيد الكذب والنِّفاق في دعوة الداعين إلى حلٍّ من طريق "الإرادة الحُرَّة للشعب السوري"، و"نبذ التدخُّل العسكري الخارجي".
( العرب اليوم )