زواج .. ثوري!!!

هناك نوعان من الزواج الثوري، احدهما عرفه الثوار في كل مكان وزمان وغالباً ما كان يتم بين رفاق نضال وسلاح، ومنه ما تم داخل الزنازين بشكل رمزي رغم تباعد الزوجين كما حدث مراراً في فلسطين.
أما الزواج الآخر فهو ثوري نسبة الى الثور وليس الى الثورات، وثمة نماذج منه نسمع عنها هذه الايام في مخيمات اللاجئين السوريين كما حدث قبل ايام في بلد عربي حين روى أحدهم ان هناك من تقدم اليه بطلب لزواج ابنته، لكن الرجل فوجىء بأن العروس عمرها عامان فقط.. النساء السوريات اللواتي عرفنا منهن الشاعرات والكاتبات والمثقفات والصديقات اللواتي شرّفن العروبة نسباً، لسن الآن في سوق الرقيق، وما يشاع عنهن ينال منا جميعاً، فاذا كنا نعني ما نقول عن العرض الذي كان ذات يوم أغلى من الأرض فان السوريات هن عرضنا ايضاً، وليس من المعقول ان يهرع الثيران العرب الى صبايا لائذات بذوي القربى كي يكون هذا الزواج غير المتكافىء وغير الحرّ والأشبه بالشراء في سوق النخاسة.
لقد برهن المهاجرون العرب من كل الديار الى كل المنافي أنهم بلا أنصار، فالنصير لا يفعل ذلك، وثمة تسميات عديدة لهذه النخاسة منها زواج السّتر أو ما سمي في تركيا زواج الجهاد، وليبحث المجاهدون من الذكور الى ميدان آخر للقتال غير شراء الصبايا العربيات اللواتي شاء لهن القدر الثوري سواء كان نسبة الى الثيران أو الثورات أن يجدن أنفسهن في هذا العراء القومي.
وما يشاع عن هذا النمط من الزواج يصيب المرء بالقشعريرة، وقد يكون أنانياً فيشعر بأنه محظوظ ان لم يتزوج كي ينجب بنات لا يعرف غير الله ثم الضليعون في فقه الهجرات واللجوء مصائرهن!
أما من طريقة اخرى لإغاثة المنكوب غير شراء بناته أو شقيقاته؟ وأين ذهب كل ما قرأناه وسمعناه حتى أصابنا الصداع منذ طفولتنا عن المروءة والفروسية والمناقبية والوفاء؟
هل كان مجرد حكايات من نسج الخيال تروى للصغار كي يناموا؟ وهم لا يعرفون أن الزمن العربي في حقبة الرّماد يخبىء لهم تحت كل وسادة ثعبانا! وفي كل رغيف حفنة من الزُّؤان؟
يبدو أننا بحاجة الى اعادة تعريف للاساءة، فهي حين تأتي لديننا ورسولنا الكريم من حمقى أمثال ذلك القس الأخرق تكون مفهومة خصوصاً اذا عرفنا سرّ التوقيت والهدف الأبعد..
أما اساءاتنا لأنفسنا ولشرفنا ولقوميتنا ولما يسمى ثوراتنا فهي الأنكى والأعظم من أية اساءات، لأننا نرسب في أعسر امتحان أخلاقي ونأكل لحم بعضنا أحياء وموتى وذكوراً واناثاً.
نساء العرب ومنهم بل في مقدمتهن السوريات أعز وأغلى وأنبل من هذا الزواج الثوري نسبة الى الثيران لا الثورات!
( الدستور )