على قدر المحبة
يلومنا البعض على رفضنا التسجيل للانتخابات النيابية القادمة .
ولعل هذا البعض محق في جزئية مما يذهب إليه ، ولعل دوافعه في توجيه اللوم نابعة من حرصه على المشاركة بفاعلية في عرس الوطن الانتخابي ، تماماً كما فعلنا على مدى قرابة تسعين عاماً من الحياة البرلمانية ، والتي توقفت مدة طويلة بعد سقوط الضفة الغربية في ايدي الصهاينة ، وما تلا ذلك من تعقيدات سياسة وإدارية.
لكن العملية استؤنفت عام 1989 ، ومنذ ذلك الوقت ، والأردنيون من كامل الفسيفساء الأردني ، يطالبون بتعديلات وتغييرات ، لم يجد معظمها سبيله للتنفيذ.
أمام هذا اللوم الذي نحترمه ونفهم دوافعه ، لا بد من الإستئذان لشرح الأسباب الموجبة لهذه المقاطعة ، وهي كثيرة ، لكننا نكتفي بمايلي :
1- منذ العام 2003 ونحن نطالب بإعادة المقعد النيابي للدائرة الثالثة – قصبة عمان، وقد قابلنا معظم رؤساء الوزارات ووزراء الداخلية ورؤساء البرلمان ومجلس الأعيان ، ورؤساء الديوان الملكي العامر ، طالبين إعادة المقعد ، فكان الجواب دوماً بالإيجاب ، ونحن على استعداد ولتقديم لائحة بالأسماء والتواريخ لكل المقابلات التي أجريت ، ورغم ذلك ، لم يجد المقعد سبيله الى عمان ، المحطة الأولى للشراكسة في الأردن منذ العام 1878 .
2- لقد بلغ بنا الألم أن أوصلنا الشكوى إلى المسامع الملكية السامية ، وجاءنا الرد أيضاً بالإيجاب ، ومع ذلك ، لم يتلطف رئيس وزراء بتنفيذ الرغبة الملكية .
3- لعل من أطرف ما سمعنا عن عدم عودة المقعد النيابي الى عمان ، ما قاله البعض في معرض التبرير "أن نقل المقعد تم بقرار إداري ، وبعد ذلك أصدر البرلمان قراراً بجعل تغيير المقاعد بموجب قانون ، فلم يصدر قانون يقضي بإعادة المقعد ! " أفلا يعلم المحتمون بهذا التبرير أن رئيس الوزراء قادر على استدعاء ستين أو سبعين نائباً ، ودعوتهم إلى إصدار الغطاء التشريعي لقرار الإعادة ؟
4- نأتي إلى الزيادات المتوالية في أعداد النواب ، والتي لم تشملنا منذ عقود أربعة ، مع أن الأطراف التي بدأت معنا بنائبين ، أصبح لديها الآن إثني عشر نائباً –بمن فيهم الكوتا النسائية- والمؤلم حقاً في هذا الإطار ، أن مسؤولين كبار وعدونا بزيادة العدد الى أربعة في حال حصول زيادة على عدد أعضاء المجلس النيابي – زاد العدد ولم يشملنا - .
5- جرى مخاض سياسي تشريعي على مدى عام ، تم فيه تكليف نخبة من أخيارنا ضمن لجنة الحوار الوطني ، وضعت مخرجاتها على الرف ، وأعيد فرض قانون انتخاب لا يحظى بالشعبية ولا حتى بالقبول ، واستمر التجاهل للمطالب الشعبية والتي من ضمنها مطالب الشراكسة والشيشان .
6- أصيب المواطن الأردني بخيبة أمل كبيرة ، وهو يقرا ويسمع ، على مدى عام كامل ، عن عمليات الفساد وملاحقة الفاسدين وتحضير الملفات ، وتناولت وسائل الإعلام تلك الأسماء بالتفاصيل المذهلة ، وفجأة ، اختفى معظمها بقدرة قادر ، بينما ابقيت الملاحقة – الناعمة – على قضيتين فقط . المذهل في هذا الإطار هو سماح الأجهزة المختصة لوسائل الإعلام بتداول هذه القضايا ، رغم أن الأصل هو سرية التحقيق ، ثم علنية المحاكمة. الأمر الذي يشير إلى أن العملية برمتها إلهاء متعمد عن تفاصيل وقضايا محرجة لا يراد للعامة أن تطلع عليها .
7- هناك قناعة راسخة لدى غالبية الشعب الأردني ، مفادها أن القانون الحالي سيعيد استنساخ البرلمان القائم ، مع بعض الرتوش البسيطة ، فهل هذا هو مجلس النواب الذي تصبو إليه الحكومة ، وتجد فيه الذراع التشريعي الملائم لتنفيذ الرؤى الملكية ؟ نحن لا نريد ان نسرد أو نعدد السلبيات ، لكننا نكتفي بالتذكير بقذف الأحذية وسحب المسدسات ، وتغييب النصاب ، وجلسات الثقة المسلوقة على عجل ، والأرقام الرهيبة للثقة باحدى الحكومات ، التي انتهت إلى رفض شعبي شامل .
8- وننظر إلى الغليان الذي يمور في بعض الدول الشقيقة ، فلا نلمس للأردن موقفاً يليق بمكانته الرفيعة في منظومة العمل العربي . جميع مواقفنا هلامية ولا تتناسب مع حجم وجدية الإعصار الذي يعصف بأمتنا .
9- نعتب ، نعم العتب ، نحجم ، للأسف نحجم ، لأننا لا نرى في كل ما سبق خدمة للأردن الذي نحب ، ويبقى عتبنا كبيراً .... على قدر حبنا للوطن وقائده.