نحو برنامج وطني للإنتصار

تم نشره الأحد 23rd أيلول / سبتمبر 2012 06:42 مساءً
نحو برنامج وطني للإنتصار
حماده فراعنه

 

 

ليس الأحتلال ، مشروعاً غير قابل للهزيمة ، وغير قابل للزوال ، فمن قبله من كان أقوى ، وأفعل وزال بلا رجعة ، يستذكره التاريخ بالخزي والعار ، لأنه كان ضد البشرية وضد التقدم وضد حقوق الأنسان .

المانيا كانت مدججة بالسلاح ، ومن أقوى دول العالم ، وبريطانيا من قبلها لم تغرب عن مستعمراتها الشمس ، وحتى الأتحاد السوفيتي كان قوة جبارة ، يحتل سدس مساحة الكرة الأرضية مع أصدقائه ، فالظلم لن يسود مهما علا شأنه ، مهما تبجح بقوته وإتخذ الأجراءات الأحترازية ، لمنع سقوطه ، كي يواصل طريقه .

لقد قام المشروع الأستعماري التوسعي الأسرائيلي على فكرة نبيلة يفهمها الغرب الرأسمالي وسوقتها الصهيونية ، تقوم على توفير مكان أمن لليهود ، فعمل الغرب الأستعماري من خلال بريطانيا على توفير الظروف الملائمة لجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود مع أن الشعب العربي الفلسطيني لا ذنب له ولم يكن شريكاً لما تعرض له اليهود من عذاب وإضطهاد في أوروبا ، وقد ساعد النظام العربي وتواطئه وخضوعه للغرب على قيام المشروع الصهيوني ، وكذلك إنقسام وتخلف الحركة الوطنية الفلسطينية ، التي لم تضع الأولويات المناسبة لشعبها كي لا يتجاوب مع الأرهاب الصهيوني ، ولا يقبل الرضوخ لأجراءات الرحيل والتشتت والضياع ، وعجزت عن وضع البرامج والخطوات والتحالفات المناسبة لإحباط المشروع الصهيوني ، وصمود المشروع الوطني الفلسطيني ، على أرضه الوطنية الموحدة : فلسطين .

في المنفى ومن رحم المخيمات ، كان الفعل الفلسطيني هو المبادر ، في إعادة صياغة الوعي الفلسطيني ووضع البرنامج العملي لإستعادة حقوق الشعب المنهوبة ، وأثمر الفعل الفلسطيني على تحقيق إنجازات سياسية معنوية هامة ، إنعكست على أداء الفلسطينيين في الداخل ونضالهم ، فأثمر عن تحقيق خطوتين لم تتما بدون فعل مباشر ضد الأحتلال ، على أرض الوطن ، وليس من خارجه :

الأولى في الأنتفاضة الشعبية المدنية عام 1987 ، وأثمرت على تحقيق نتائج إتفاق أوسلو .

والثانية في الأنتفاضة المسلحة عام 2000 وأثمرت على تحقيق الأنسحاب الأسرائيلي من قطاع غزة .

وبعيداً عن التفاصيل المكررة دعونا نبحث عن مقومات الفعل الفلسطيني المقبل إعتماداً على أربعة عوامل تشكل أساساً صالحاً لمواجهة الأحتلال ، رغم تفوقه ، ورغم الأنقسام الجغرافي والسياسي والحزبي بين مكونات الشعب المعذب .

العامل الأول وهو الشعب الفلسطيني نفسه المقيم على كامل أرض فلسطين المحتلة ، والمتمثل بوجود أربعة ملايين نسمة ، بعد إخراج قطاع غزة من حلبة الصراع المباشر ، فقد نجح شارون عبر خطته الأمنية بإنجاز خطوتين أولهما إخراج غزة خارج دائرة الفعل المباشر ضد الأحتلال ، وثانيهما بناء الجدار العازل الذي قسّم ما تبقى من فلسطين إلى مواقع جغرافية منفصلة يسهل عزلها عن بعضها البعض بقرار أمني .

أربعة ملايين نسمة من الفلسطينيين يتمسكون بأرضهم سواء في مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 ( مليون وثلاثمائة الفاً ) ، أو في مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 في الضفة والقدس ( مليونان ونصف ) بدون قطاع غزة ( مليون ونصف ) .

لم يعد الفلسطينيون على أرضهم مجرد جالية تتوسل الحياة والأستقرار ، بل شعب عنيد يرغب بالحياة المتكافئة والهوية الوطنية والتراث القومي ، وصنع المستقبل على أرض وطنه ، وهذا هو الأساس المادي الموضوعي للعنوان الفلسطيني ، وبدونه لن يكون هناك إسم فلسطين ، وبالتالي يجب الإقرار أن عنوان فلسطين هو شعبها وأرضها ومكوناتها وليس قضية اللاجئين هي عنوان الشعب الفلسطيني أو أدواته للنضال ، بل هو عنوان أصبح ثانوياً وهو نتاج العدوان والأحتلال ، ولم يعد فاعلاً على الأرض كما كان في سنوات الخمسينيات والستينيات ، حينما بادر أبنائه بتشكيل فتح وجبهة التحرير الفلسطينية وأبطال العودة وشباب الثأر وغيرهم من العناوين الفلسطينية الهادفة نحو التحرير والعودة ، بل تحول نضالهم الأن إلى لجان حق العودة ، تأكيداً لإرتباطهم بالشعب الفلسطيني ، وتأكيداً لحقهم في العودة .

أما العامل الثاني للقضية وعنوانها وهو أن هذا الشعب يُعادي للإحتلال ، ومصالحه الوطنية والقومية والدينية والأنسانية تتناقض مع مشروع الأحتلال الأستعماري التوسعي الأسرائيلي ، ولا يجد شعب فلسطين حداً أدنى للتعايش مع هذا المشروع العدواني العنصري الذي يُدمر كل أدوات التعايش المشترك ، ولا يجد حتى العملاء والجواسيس فرصة للمباهاة أو المفاخرة بإنجاز إسرائيلي واحد لصالحهم .

التناقض الحاد ، بين مصالح الأحتلال ومشروعه الأستعماري العنصري ، وبين مصالح الشعب العربي الفلسطيني هو ثاني أهم عوامل النضال والثورة ضد الأحتلال ، بعد توفر العامل الأول وهو الشعب الرازح تحت الأحتلال والمتضرر منه والمعذب بسببه .

أما ثالث هذه العوامل فإن هذا الشعب لديه الميزة الثانية بعد ميزته الأولى وهي عدائه ورفضه للإحتلال وهي ميزة أنه شعب حزبي منظم من قبل فصائل وأحزاب مختلفة ، من فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد وحزب الشعب وحركة المبادرة وفدا والتحرير العربية والتحرير الفلسطينية وغيرهم مما يدلل على رقي الوعي الفلسطيني وإكتشاف أهمية التنظيم والأدارة .

وجود تنظيمات وطنية ويسارية وقومية وليبرالية وأصولية دينية ، عامل مهم يُلغي القائد والزعيم والعبقري ، فالخلافات والتباينات والأجتهادات عامل ضامن من خلال التعددية للوصول إلى الموقف المدروس المتعدد الجوانب ، كي يكون القرار المتخذ أكثر صواباً ويعكس رأي الأغلبية حينما تتوفر المؤسسات التمثيلية الموحدة ، فالمشكلة ليست بالتعددية ، بل تكمن بالأنقسام والشرذمة السائدة .

ورابع هذه العوامل فهو الشرعية والعدالة والأنصاف للقضية الفلسطينية ويتمثل ذلك بقررات الأمم المتحدة ، فهي الضمان وهي العنوان لحقوق الشعب ، وهي العدالة الواقعية المتمثلة بقرارات التقسيم 181 وحق العودة 194 وقرار الأنسحاب وعدم الضم 242 وحل الدولتين 1397 وخارطة الطريق 1515 .

ومهما بدت هذه القرارات أو بعضها غير منصفة أو مجحفة ولكن ضرورة التمسك بها وعلو شأنها وجعلها مرجعية للإحتكام إليها سواء في عملية الصراع بين المشروعين : المشروع الأستعماري التوسعي الأسرائيلي ، والمشروع الوطني الفلسطيني ، أو من خلال التوصل إلى تسوية وحل واقعي يقوم على المرجعية الدولية وقراراتها .

توفر العوامل الأربعة هي أساس قوة الشعب الفلسطيني ، على أرضه ووطنه ، وعليها يمكن الأعتماد والبناء من أجل توفير المتطلبات الثلاثة لمواصلة النضال وهي :

1- وحدة البرنامج الوطني الفلسطيني .
2- وحدة المؤسسة التمثيلية المؤتلفة في إطار منظمة التحرير وما يتبعها .
3- وحدة الأداة الكفاحية المتفق عليها .

ويبقى العنصر الرابع لمتطلبات النضال ولا يقل أهمية عن المتطلبات الثلاثة وهو العمل على شق المجتمع الأسرائيلي عبر كسب إنحيازات إسرائيلية لعدالة الحقوق الفلسطينية الثلاثة :

1- حق المساواة في مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 .
2- حق الأستقلال لمناطق الأحتلال الثانية عام 1967 .
3- حق العودة للاجئين وإستعادة ممتلكاتهم المنهوبة من الدولة العبرية ، وتعويضهم على سنوات الأبعاد والتشرد والنفي عن اللد ويافا والرملة وحيفا وعكا وبئر السبع وعن سائر المدن والقرى التي هُجروا منها .

كسب إنحيازات إسرائيلية من المجتمع الأسرائيلي ، إضعاف للعدو المتفوق وتقوية للشعب الفلسطيني الضعيف وصاحب القضية العادلة التي تستحق الأنحياز والتضامن وبناء الشراكة لمستقبل موحد للشعبين على الأرض الواحدة .

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات