العلويون يدفعون إتاوات للشبيحة فى حمص لحمايتهم
تم نشره الأربعاء 26 أيلول / سبتمبر 2012 11:19 صباحاً
المدينة نيوز - اعتاد أفراد ميليشيا (الشبيحة) فى مدينة حمص، أكثر المدن السورية تضرراً من القتال، توفير الحماية لأقرانهم من الأقلية العلوية من منطلق التضامن معهم، لكن الأمن لم يعد الآن بالمجان، بل أصبح فى مقابل نحو 300 دولار شهرياً.
ويقول السكان العلويون فى حمص: إنهم مكرهون على المساعدة فى تمويل المجهود الحربى للشبيحة وهى ميليشيا طائفية تتسم بالوحشية، وتساند حملة الرئيس بشار الأسد ضد الانتفاضة المستمرة منذ 18 شهراً.
وقال جرّاح يدعى فريد يعيش مع عائلته فى حى الزهراء بحمص الذى تقطنه أغلبية علوية "الشبيحة يستغلون خوفنا. يتذرعون بأنهم فى حاجة إلى الطعام أو الذخيرة. ولكن الأمر ينطوى فى الأساس على اتفاق غير علنى بأن تدفع العائلات الأكثر ثراء مبالغ (للشبيحة) كل شهر".
وتتزايد تكلفة الحرب فى تلك المنطقة التى تشهد أطول المعارك الدائرة بين قوات الأسد ومقاتلى المعارضة. ويخشى فريد أن يتعرض أطفاله للخطف مقابل فدية إذا لم يدفع للشبيحة ما يسمونها "إتاوة".
وتتألف ميليشيا الشبيحة فى الأغلب من أعضاء من الطائفة العلوية الشيعية التى ينتمى إليها الأسد، وهى الطرف الأشرس فى الحملة الدموية ضد الانتفاضة التى تقودها الأغلبية السنية، بل إنها تتهم بارتكاب مذابح.
ويجسد الشعور بالامتعاض لدى بعض العلويين من فكرة دفع أموال للشبيحة حالة من الصراع الداخلى لدى الكثير من أبناء طائفتهم يتمثل فى الآتى: هل يخاطرون برفض حملة حكومتهم التى يقودها العلويون وميليشياتهم الوحشية؟ أم يخضعون بكل ما تحمله الكلمة من معنى للشبيحة التى تجادل بأنها تقاتل من أجل الوجود ضد السنة المصممين على الانتقام؟.
وقال مهندس يدعى سعيد (40 عاماً) "لست مرتاحاً لذلك فهو أمر خاطئ على ما يبدو، ولكن ليس لدى أى خيار.. سأواجه الخطر إذا لم أدفع. هؤلاء الأشخاص خطرون".
وبعد أشهر من القتال باتت المناطق العلوية التى تحميها الشبيحة فى حمص، مثل الزهراء، هى الوحيدة الآمنة نسبياً. وتزايد سكان الزهراء من العلويين ليصبح 200 ألف تقريبا فى الشهور الأخيرة.
وأصبحت الأحياء التى يقطنها عدد كبير من السنة فى حمص عبارة عن مقابر لأبنية منهارة وشوارع مدمرة. ولم يعد بها سوى عدد قليل من العائلات.
ومع توقف العمل ونفاد الأموال بسبب الاضطرابات، فإن مبلغ الإتاوة، وهو 300 دولار، لم يعد صغيرا. لكن العلويين فى الزهراء يقولون إنه فى حين أنهم يعرفون أن الأموال التى يدفعونها هى ابتزاز، وأن العنف الذى يمارسه الشبيحة تجاه السنة يجعلهم فى خطر أكبر، إلا أنه يتم تذكيرهم باستمرار بالخطر الذى يعتريهم.
وعندما تهز أصوات المدفعية التى تدوى من على بُعد الأوانى الفضية فى غرفة طعام فريد، فإنه يكف عن اعتراضاته على الشبيحة ويتنهد.
ويقول الطبيب، وهو ينظر إلى أطفاله الأربعة أثناء تناولهم الطعام، "أعتقد أحيانا أننا نحتاج إليهم حقاً لحمايتنا".
واختفت أنباء القتال فى حمص من دائرة الضوء مع تفجر المعارك فى مدن سورية أكبر، مثل دمشق وحلب، لكن القتال لم تخف حدته فى المدينة، فأصوات القذائف تدوى بين الحين والآخر، وتتهاوى الأبنية نتيجة القصف المدفعى اليومى والقذائف الصاروخية.
واعتادت عصابات الشبيحة على اجتراف المال من خلال نهب الأحياء السنية المتمردة فى حمص بعد مداهمة الجيش لها. ولكن هذا المصدر قد جف ولهذا فإن طلب "الإتاوة" قد يكون السبيل لتعويضهم عن تلك الأموال.
وأصبحت الميليشيات على درجة عالية من التنظيم فى حمص، فقد قسموا الزهراء إلى ست مناطق يتزعم كل واحدة "رئيس" محلى.
وفى كل منطقة يرسل الرئيس عدداً من الشبان حليقى الرؤوس للمراقبة، وهم يحملون الأسلحة. ويظل الجيش بعيداً مكتفياً بحراسة حواجز الطرق المنتشرة فى أطراف المنطقة.
ويقول سيد الذى يعطى الشبيحة الإتاوة على مضض "لم يعد هناك أى وجود للحكومة فى الزهراء، رغم أنها محاطة بمناطق سنية. ولكنها المكان الأكثر أمنا فى سوريا".
ويقول السكان، إن الشىء الوحيد الجيد الذى ساهمت فيه تبرعاتهم هو تمويل بناء جدارين مقاومين للتفجيرات يصل ارتفاعهما إلى 20 متراً فى الميدان الرئيسى بالزهراء. وكان الشارع ذات يوم فى مرمى نيران مسلحى المعارضة الذين كانوا يصعدون فوق الأبينة فى الأحياء المجاورة ويطلقون النار.
ويقول مانهل ابن الجراح فريد، أثناء سيره خلف الجدران التى طليت باللون الأبيض "هذه كانت المنطقة الأكثر دموية فى الزهراء".
وبدلا من رؤية السكان يهرولون فى الأسفل لم يعد المسلحون يرون الآن سوى ملصق ضخم وضعه الشبيحة على الجدار، هو عبارة عن صورة للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، والذى حكم البلاد لما يقرب من 30 عاماً حتى وفاته.
ولجأ المتمردون المحبطون إلى إطلاق النار على الصورة التى باتت آثار الأعيرة النارية واضحة عليها تماماً.
وعلى مسافة ليست بعيدة من منزل عائلة فريد يضع وائل (مسؤول التحصيل) كمية كبيرة من الكريم على شعره الأسود ويمشطه، ثم يستقل دراجته النارية لجمع الإتاوة الشهرية لرئيسه. ويقول وائل (25 عاما) "توجد فى منطقتى 15 عائلة. أجمع الأموال لرئيسى عندما تكون هناك حاجة للأسلحة والغاز وإصلاح السيارات والطعام لأبنائنا".
ولا يعتقد وائل أن ما يفعله ابتزاز، فهو يعتبره خدمة يحتاج السكان إلى دفعها للحفاظ على حياتهم. ويقول: إن بإمكان السكان غير الراضين عن ذلك مغادرة حمص إذا أرادوا.
وقال "إننا حتى نجهز قوافل لمساعدتهم على الخروج، وهذا يكلف عشرة آلاف ليرة (120 دولارا)".
ولا توجد نهاية فى الأفق للحرب الأهلية فى سوريا. فالقوى العالمية تواجه صعوبات فى التفاوض. ولا يبدى المقاتلون أى رغبة فى إلقاء أسلحتهم. وفى نفس الوقت فإن جماعات مثل العلويين يشعرون بأنهم أكثر عرضة للخطر، وأن الشبيحة تستغلهم.
ولاحظت أم هانى وهى أم لاثنين فى الزهراء، هذا التحول بعد التفجير الذى وقع فى يوليو، وأسفر عن مقتل أربعة من كبار مسؤولى الأمن فى دمشق.
وقالت "بعد ذلك اهتز النظام. وبدأ الشبيحة يأخذون المزيد من السلطة، وبدأوا فى المطالبة بمزيد من الأموال. وبدون أن يتفوهوا بكلمة وجهوا رسالة واضحة، مفادها (نحن المسؤولون عنكم.. ادفعوا)".
بدأ الإرهاق الشديد حول عينى أم هانى بعد أشهر من الاضطرابات والقلق. ويشعر العلويون مثلها بأنهم محاصرون. وليس لدى أم هانى أى مدخرات لمغادرة سوريا، وتعتقد أنها لن تكون فى مأمن فى مخيمات اللاجئين التى أغلبها من السنة والمنتشرة على الحدود. وترى أن الدفع للشبيحة هو الخيار الوحيد. وقالت "أين نستطيع الذهاب؟ من يقبلنا؟" لهذا نبقى هنا ونتعامل مع فراعنتنا الجدد"
رويترز.
ويقول السكان العلويون فى حمص: إنهم مكرهون على المساعدة فى تمويل المجهود الحربى للشبيحة وهى ميليشيا طائفية تتسم بالوحشية، وتساند حملة الرئيس بشار الأسد ضد الانتفاضة المستمرة منذ 18 شهراً.
وقال جرّاح يدعى فريد يعيش مع عائلته فى حى الزهراء بحمص الذى تقطنه أغلبية علوية "الشبيحة يستغلون خوفنا. يتذرعون بأنهم فى حاجة إلى الطعام أو الذخيرة. ولكن الأمر ينطوى فى الأساس على اتفاق غير علنى بأن تدفع العائلات الأكثر ثراء مبالغ (للشبيحة) كل شهر".
وتتزايد تكلفة الحرب فى تلك المنطقة التى تشهد أطول المعارك الدائرة بين قوات الأسد ومقاتلى المعارضة. ويخشى فريد أن يتعرض أطفاله للخطف مقابل فدية إذا لم يدفع للشبيحة ما يسمونها "إتاوة".
وتتألف ميليشيا الشبيحة فى الأغلب من أعضاء من الطائفة العلوية الشيعية التى ينتمى إليها الأسد، وهى الطرف الأشرس فى الحملة الدموية ضد الانتفاضة التى تقودها الأغلبية السنية، بل إنها تتهم بارتكاب مذابح.
ويجسد الشعور بالامتعاض لدى بعض العلويين من فكرة دفع أموال للشبيحة حالة من الصراع الداخلى لدى الكثير من أبناء طائفتهم يتمثل فى الآتى: هل يخاطرون برفض حملة حكومتهم التى يقودها العلويون وميليشياتهم الوحشية؟ أم يخضعون بكل ما تحمله الكلمة من معنى للشبيحة التى تجادل بأنها تقاتل من أجل الوجود ضد السنة المصممين على الانتقام؟.
وقال مهندس يدعى سعيد (40 عاماً) "لست مرتاحاً لذلك فهو أمر خاطئ على ما يبدو، ولكن ليس لدى أى خيار.. سأواجه الخطر إذا لم أدفع. هؤلاء الأشخاص خطرون".
وبعد أشهر من القتال باتت المناطق العلوية التى تحميها الشبيحة فى حمص، مثل الزهراء، هى الوحيدة الآمنة نسبياً. وتزايد سكان الزهراء من العلويين ليصبح 200 ألف تقريبا فى الشهور الأخيرة.
وأصبحت الأحياء التى يقطنها عدد كبير من السنة فى حمص عبارة عن مقابر لأبنية منهارة وشوارع مدمرة. ولم يعد بها سوى عدد قليل من العائلات.
ومع توقف العمل ونفاد الأموال بسبب الاضطرابات، فإن مبلغ الإتاوة، وهو 300 دولار، لم يعد صغيرا. لكن العلويين فى الزهراء يقولون إنه فى حين أنهم يعرفون أن الأموال التى يدفعونها هى ابتزاز، وأن العنف الذى يمارسه الشبيحة تجاه السنة يجعلهم فى خطر أكبر، إلا أنه يتم تذكيرهم باستمرار بالخطر الذى يعتريهم.
وعندما تهز أصوات المدفعية التى تدوى من على بُعد الأوانى الفضية فى غرفة طعام فريد، فإنه يكف عن اعتراضاته على الشبيحة ويتنهد.
ويقول الطبيب، وهو ينظر إلى أطفاله الأربعة أثناء تناولهم الطعام، "أعتقد أحيانا أننا نحتاج إليهم حقاً لحمايتنا".
واختفت أنباء القتال فى حمص من دائرة الضوء مع تفجر المعارك فى مدن سورية أكبر، مثل دمشق وحلب، لكن القتال لم تخف حدته فى المدينة، فأصوات القذائف تدوى بين الحين والآخر، وتتهاوى الأبنية نتيجة القصف المدفعى اليومى والقذائف الصاروخية.
واعتادت عصابات الشبيحة على اجتراف المال من خلال نهب الأحياء السنية المتمردة فى حمص بعد مداهمة الجيش لها. ولكن هذا المصدر قد جف ولهذا فإن طلب "الإتاوة" قد يكون السبيل لتعويضهم عن تلك الأموال.
وأصبحت الميليشيات على درجة عالية من التنظيم فى حمص، فقد قسموا الزهراء إلى ست مناطق يتزعم كل واحدة "رئيس" محلى.
وفى كل منطقة يرسل الرئيس عدداً من الشبان حليقى الرؤوس للمراقبة، وهم يحملون الأسلحة. ويظل الجيش بعيداً مكتفياً بحراسة حواجز الطرق المنتشرة فى أطراف المنطقة.
ويقول سيد الذى يعطى الشبيحة الإتاوة على مضض "لم يعد هناك أى وجود للحكومة فى الزهراء، رغم أنها محاطة بمناطق سنية. ولكنها المكان الأكثر أمنا فى سوريا".
ويقول السكان، إن الشىء الوحيد الجيد الذى ساهمت فيه تبرعاتهم هو تمويل بناء جدارين مقاومين للتفجيرات يصل ارتفاعهما إلى 20 متراً فى الميدان الرئيسى بالزهراء. وكان الشارع ذات يوم فى مرمى نيران مسلحى المعارضة الذين كانوا يصعدون فوق الأبينة فى الأحياء المجاورة ويطلقون النار.
ويقول مانهل ابن الجراح فريد، أثناء سيره خلف الجدران التى طليت باللون الأبيض "هذه كانت المنطقة الأكثر دموية فى الزهراء".
وبدلا من رؤية السكان يهرولون فى الأسفل لم يعد المسلحون يرون الآن سوى ملصق ضخم وضعه الشبيحة على الجدار، هو عبارة عن صورة للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، والذى حكم البلاد لما يقرب من 30 عاماً حتى وفاته.
ولجأ المتمردون المحبطون إلى إطلاق النار على الصورة التى باتت آثار الأعيرة النارية واضحة عليها تماماً.
وعلى مسافة ليست بعيدة من منزل عائلة فريد يضع وائل (مسؤول التحصيل) كمية كبيرة من الكريم على شعره الأسود ويمشطه، ثم يستقل دراجته النارية لجمع الإتاوة الشهرية لرئيسه. ويقول وائل (25 عاما) "توجد فى منطقتى 15 عائلة. أجمع الأموال لرئيسى عندما تكون هناك حاجة للأسلحة والغاز وإصلاح السيارات والطعام لأبنائنا".
ولا يعتقد وائل أن ما يفعله ابتزاز، فهو يعتبره خدمة يحتاج السكان إلى دفعها للحفاظ على حياتهم. ويقول: إن بإمكان السكان غير الراضين عن ذلك مغادرة حمص إذا أرادوا.
وقال "إننا حتى نجهز قوافل لمساعدتهم على الخروج، وهذا يكلف عشرة آلاف ليرة (120 دولارا)".
ولا توجد نهاية فى الأفق للحرب الأهلية فى سوريا. فالقوى العالمية تواجه صعوبات فى التفاوض. ولا يبدى المقاتلون أى رغبة فى إلقاء أسلحتهم. وفى نفس الوقت فإن جماعات مثل العلويين يشعرون بأنهم أكثر عرضة للخطر، وأن الشبيحة تستغلهم.
ولاحظت أم هانى وهى أم لاثنين فى الزهراء، هذا التحول بعد التفجير الذى وقع فى يوليو، وأسفر عن مقتل أربعة من كبار مسؤولى الأمن فى دمشق.
وقالت "بعد ذلك اهتز النظام. وبدأ الشبيحة يأخذون المزيد من السلطة، وبدأوا فى المطالبة بمزيد من الأموال. وبدون أن يتفوهوا بكلمة وجهوا رسالة واضحة، مفادها (نحن المسؤولون عنكم.. ادفعوا)".
بدأ الإرهاق الشديد حول عينى أم هانى بعد أشهر من الاضطرابات والقلق. ويشعر العلويون مثلها بأنهم محاصرون. وليس لدى أم هانى أى مدخرات لمغادرة سوريا، وتعتقد أنها لن تكون فى مأمن فى مخيمات اللاجئين التى أغلبها من السنة والمنتشرة على الحدود. وترى أن الدفع للشبيحة هو الخيار الوحيد. وقالت "أين نستطيع الذهاب؟ من يقبلنا؟" لهذا نبقى هنا ونتعامل مع فراعنتنا الجدد"
رويترز.