الحكومة البرلمانية فرصة أم إشكالية!
تم نشره الخميس 27 أيلول / سبتمبر 2012 04:17 مساءً

نصوح المجالي
في مقاله حول اشكالية المفهوم المطروح للحكومة البرلمانية في الأردن، تناول الرئيس معروف البخيت ثلاثة جوانب اساسية، توضح الأبعاد والضوابط التي تحكم الانتقال إلى حكومة برلمانية في الأردن.
الأول؛ عدم الاخلال بالتوازن بين وظائف الحكم الرئيسة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث تبقى هيئات منفصلة ومستقلة ومتساوية، بما يمنع تركيز السلطة في سلطة واحدة.
مع الاشارة الى ان الجمع بين الوزارة والنيابة في ظل هشاشة الوضع الحزبي الراهن، وعدم تجذر الثقافة والوعي الحزبي والديمقراطي، وغلبة صفة التجميع والفزعة في الانتساب للاحزاب على صفة، الايمان ببرنامج محدد، قد يؤدي الى تأزيم الحياة السياسية وتراجع الرقابة إلى ادنى الحدود، وادخال الدولة في سطوة مراكز القوى من جديد؛ ولنا تجربة في التسعينيات لم تكن موفقة.
هذا جانب، اما الوجه الثاني للحكومة البرلمانية فهو ان تتشكل من مرشحين من خارج المجلس يمثلون الاحزاب الممثلة في المجلس بنسبة نجاحها في البرلمان، على أن تكون الحكومة برئاسة الحزب او الكتلة التي تحوز اعلى نسبة، شرط التوافق على برنامج توافقي محدد في المسار السياسي والاقتصادي لمنع الاختلاف مستقبلا، ويكون المعيار ان الحكومة التي يحظى برنامجها وطاقمها بالثقة البرلمانية وتعمل جاهدة على تطبيقه، هي الحكومة البرلمانية، وتكون محكومة ببرنامجها وبثقة مجلس النواب وبما التزمت به أمام البرلمان والشعب.
ويؤكد الدكتور معروف أن لا بد من خط فاصل بين صلاحيات الحكومة في التنفيذ وصلاحيات البرلمان في الرقابة والتشريع، وبدون هذا الفاصل، يصبح بتجميع السلطة في يد واحدة مدخلاً للتحكم بالدولة والاخلال بالتوازن بين السلطات، واستغلال السلطة فمبدأ chek and Balance أساسي في العمل الديمقراطي، فإذا ما اختل اختلت الديمقراطية والحياة السياسية.
اما البعد الثالث، والاهم في الحكومات البرلمانية فهو وضوح الرؤية السياسية، والبرنامج القابل للتطبيق، والاهداف المرجوة عند تطبيقه، فالحكومة مسؤولة امام البرلمان عن تطبيق برنامجها، والبرلمان مسؤول عن محاسبتها عندما تقصّر، فاذا كان البرلمانيون هم الوزراء، يختل مبدأ الرقابة، وتصبح جهة الحكم هي نفسها جهة الرقابة، مما يجعل الرقابة البرلمانية تحت تأثير الحكومة وليس العكس.
ولا يخفى ان الأحزاب الأردنية، لم تنضج بدرجة كافية بعد، ولم تطور بعد برامج شاملة، تتناول جميع القضايا الملحة التي تواجه المجتمع، وما طُرح من مشاريع برامج ليس سوى شرح موسع لبعض الشعارات، لا يرقى الى مستوى البرامج، فلم نسمع حتى الآن عن برنامج شامل طرحه حزب أردني (خارج الشعارات) قابل للحوار والتداول من الشعب.
فضلا عن ان المعارضة السياسية لم تنضج وتتطوّر بعد بشكل مؤسسي يجعل منها رقابة حقيقية على الاداء.
المؤكد ان الحكومة القادمة ستتكون من ثلاثة عناصر، احزاب تفوز بنسبة معينة قد تقل عن 50% من مقاعد البرلمان ونواب مستقلون قد تزيد نسبتهم عن خمسين بالمئة، وكتل نيابية ستتشكل بعد الانتخابات على اساس تجميعي وليس برامجي، تضم أما احزاباً تتألف فيما بينها، أو مستقلون يأتلفون في كتل، وهذه الكتل تكون عادة غير ثابتة، وقابلة للانشطار والانسحابات وفق المصالح، وغالباً ما تكون بدون برنامج محدد.
اهم المعايير في أيّ حكومة برلمانية قادمة، ان تحوز الثقة على اساس تشكيلتها، وبرنامجها في آن معاً، وان يحكم بقاءها او خروجها من الحكم مدى التزامها ونجاحها في تطبيق برنامجها او فشلها في تحقيق ما التزمت به، فاستمرارها معيار للنجاح، وذهابها معيار لتقصيرها في تحقيق ما جاءت من أجله.
سيكون البرلمان القادم مركزاً للحياة السياسية وعنصر الدفع والتوازن فيها، لكن الحكمة تقتضي ان لا يكون البرلمان، مركزاً لتجميع السلطة، والتحكم بجميع السلطات فهذا مدخل لتركيز السلطة في الدولة قد يؤدي الى استثمار السلطة.
يشير الدكتور معروف إلى آلية للتشاور في تشكيل الحكومات على مستويين مشاورات اولية يجريها جلالة الملك لاختيار الرئيس ومشاورات لاحقة يجريها الرئيس المكلف، وتمثل عملية تنسيق وتشارك بين اطراف الحُكم تعزز الحكومة النيابية ومبدأ الشورى والمشاركة.
لقد اغنى الدكتور معروف، بدراسته هذه مفهوم الحكومة البرلمانية الملتبس عند الكثيرين وفتح الباب لنقاش جاد حول هذا المفهوم، لأن الاستقرار السياسي مرتبط بالتوازن بين السلطات، وبالرقابة التي لا يطالها الغرض أو الخلل وبالطريقة التي نتعامل معها مع الحكومة البرلمانية كاشكالية او فرصة للتقدم السياسي.
وبالرؤية الشاملة التي يترجمها العمل السياسي الى خطوات وبرامج وسياسات قابلة للتطبيق ويلمس آثارها المواطنون فالتوازن والوعي أهداف المرحلة والشورى وتكامل عمل السلطات وليس تشابكها، مدخلنا لإصلاح الدولة وتحقيق الاستقرار والانجاز الذي يرقى بدولتنا ويثبت أركانها. ( الرأي )
الأول؛ عدم الاخلال بالتوازن بين وظائف الحكم الرئيسة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحيث تبقى هيئات منفصلة ومستقلة ومتساوية، بما يمنع تركيز السلطة في سلطة واحدة.
مع الاشارة الى ان الجمع بين الوزارة والنيابة في ظل هشاشة الوضع الحزبي الراهن، وعدم تجذر الثقافة والوعي الحزبي والديمقراطي، وغلبة صفة التجميع والفزعة في الانتساب للاحزاب على صفة، الايمان ببرنامج محدد، قد يؤدي الى تأزيم الحياة السياسية وتراجع الرقابة إلى ادنى الحدود، وادخال الدولة في سطوة مراكز القوى من جديد؛ ولنا تجربة في التسعينيات لم تكن موفقة.
هذا جانب، اما الوجه الثاني للحكومة البرلمانية فهو ان تتشكل من مرشحين من خارج المجلس يمثلون الاحزاب الممثلة في المجلس بنسبة نجاحها في البرلمان، على أن تكون الحكومة برئاسة الحزب او الكتلة التي تحوز اعلى نسبة، شرط التوافق على برنامج توافقي محدد في المسار السياسي والاقتصادي لمنع الاختلاف مستقبلا، ويكون المعيار ان الحكومة التي يحظى برنامجها وطاقمها بالثقة البرلمانية وتعمل جاهدة على تطبيقه، هي الحكومة البرلمانية، وتكون محكومة ببرنامجها وبثقة مجلس النواب وبما التزمت به أمام البرلمان والشعب.
ويؤكد الدكتور معروف أن لا بد من خط فاصل بين صلاحيات الحكومة في التنفيذ وصلاحيات البرلمان في الرقابة والتشريع، وبدون هذا الفاصل، يصبح بتجميع السلطة في يد واحدة مدخلاً للتحكم بالدولة والاخلال بالتوازن بين السلطات، واستغلال السلطة فمبدأ chek and Balance أساسي في العمل الديمقراطي، فإذا ما اختل اختلت الديمقراطية والحياة السياسية.
اما البعد الثالث، والاهم في الحكومات البرلمانية فهو وضوح الرؤية السياسية، والبرنامج القابل للتطبيق، والاهداف المرجوة عند تطبيقه، فالحكومة مسؤولة امام البرلمان عن تطبيق برنامجها، والبرلمان مسؤول عن محاسبتها عندما تقصّر، فاذا كان البرلمانيون هم الوزراء، يختل مبدأ الرقابة، وتصبح جهة الحكم هي نفسها جهة الرقابة، مما يجعل الرقابة البرلمانية تحت تأثير الحكومة وليس العكس.
ولا يخفى ان الأحزاب الأردنية، لم تنضج بدرجة كافية بعد، ولم تطور بعد برامج شاملة، تتناول جميع القضايا الملحة التي تواجه المجتمع، وما طُرح من مشاريع برامج ليس سوى شرح موسع لبعض الشعارات، لا يرقى الى مستوى البرامج، فلم نسمع حتى الآن عن برنامج شامل طرحه حزب أردني (خارج الشعارات) قابل للحوار والتداول من الشعب.
فضلا عن ان المعارضة السياسية لم تنضج وتتطوّر بعد بشكل مؤسسي يجعل منها رقابة حقيقية على الاداء.
المؤكد ان الحكومة القادمة ستتكون من ثلاثة عناصر، احزاب تفوز بنسبة معينة قد تقل عن 50% من مقاعد البرلمان ونواب مستقلون قد تزيد نسبتهم عن خمسين بالمئة، وكتل نيابية ستتشكل بعد الانتخابات على اساس تجميعي وليس برامجي، تضم أما احزاباً تتألف فيما بينها، أو مستقلون يأتلفون في كتل، وهذه الكتل تكون عادة غير ثابتة، وقابلة للانشطار والانسحابات وفق المصالح، وغالباً ما تكون بدون برنامج محدد.
اهم المعايير في أيّ حكومة برلمانية قادمة، ان تحوز الثقة على اساس تشكيلتها، وبرنامجها في آن معاً، وان يحكم بقاءها او خروجها من الحكم مدى التزامها ونجاحها في تطبيق برنامجها او فشلها في تحقيق ما التزمت به، فاستمرارها معيار للنجاح، وذهابها معيار لتقصيرها في تحقيق ما جاءت من أجله.
سيكون البرلمان القادم مركزاً للحياة السياسية وعنصر الدفع والتوازن فيها، لكن الحكمة تقتضي ان لا يكون البرلمان، مركزاً لتجميع السلطة، والتحكم بجميع السلطات فهذا مدخل لتركيز السلطة في الدولة قد يؤدي الى استثمار السلطة.
يشير الدكتور معروف إلى آلية للتشاور في تشكيل الحكومات على مستويين مشاورات اولية يجريها جلالة الملك لاختيار الرئيس ومشاورات لاحقة يجريها الرئيس المكلف، وتمثل عملية تنسيق وتشارك بين اطراف الحُكم تعزز الحكومة النيابية ومبدأ الشورى والمشاركة.
لقد اغنى الدكتور معروف، بدراسته هذه مفهوم الحكومة البرلمانية الملتبس عند الكثيرين وفتح الباب لنقاش جاد حول هذا المفهوم، لأن الاستقرار السياسي مرتبط بالتوازن بين السلطات، وبالرقابة التي لا يطالها الغرض أو الخلل وبالطريقة التي نتعامل معها مع الحكومة البرلمانية كاشكالية او فرصة للتقدم السياسي.
وبالرؤية الشاملة التي يترجمها العمل السياسي الى خطوات وبرامج وسياسات قابلة للتطبيق ويلمس آثارها المواطنون فالتوازن والوعي أهداف المرحلة والشورى وتكامل عمل السلطات وليس تشابكها، مدخلنا لإصلاح الدولة وتحقيق الاستقرار والانجاز الذي يرقى بدولتنا ويثبت أركانها. ( الرأي )