مقاطعة 5_10 واجب وطني
بالرغم من مظلة الفساد التي تسيطر على مكونات الوطن والإنسان، إلا أننا وعلى يقين أيضاً أن الإصلاح يأتي بقدر الوعي الذي يؤطّر مواقفنا للتعامل مع الأحداث الجارية، وبالرغم من عدم فهم النظام الذي يحكم الأردن لمعادلة الإصلاح برمتها وتفاصيلها ومدى الجديّة في التعامل معها فعلاً لا ترف سياسي كما يقال، والذي بات من الضرورات لبناء الدولة الأردنية من جديد، بات من المعقول أيضاً البدء ولو بالقليل من الإصلاح كبداية ليأخذ الشارع الأردني على محمل الجد أن الإصلاح قد بدأ أكله’ وعلى المستوى الاقتصادي بداية من حيث تأمين معيشة طيبة للمواطن وخدمات ينعم بها كحق هو قديم ومسلوب منه عنوة من قبل كل الفئات التي تقود مسيرة الإصلاح وعلى الدوام.
إن مسيرة الخامس من الشهر القادم هي مسيرة استفزاز من قبل الإخوان المسلمين ، مؤطرين هذه المسيرة بكذب المواقف للتعامل مع الشأن السياسي والإصلاحي في هذا البلد، فلم يكن من خلال سلوكياتهم القديمة أي مشاهدة حقيقية للتعامل مع مشكلات الوطن والإنسان أي بصمة أمل أو أي فعل يراد به الإصلاح، والدليل على ذلك أنهم لم يراعوا يوماً حال المواطن الفقير في كل أنحاء الوطن بموقف إنساني أو رعاية يستحقها هذا المواطن، فلا أظن يوماً أن النظام يحكم لوحده ويعالج الأمور العامة وحده دون تكاتف جميع القوى الوطنية التي تساعد في حمل المسؤولية دوماً وداخل كل حدود الدول وفي كل مكان في العالم.
النظام الحاكم في الأردن هو الذي ساعد هذه الفئة من المجتمع في الأردن (الإخوان المسلمون) بإعطائهم كل الرعاية والاستثناءات في مشاركتهم ببناء مؤسسات للاستثمار، وجعلهم في داخل لعبة القرار السياسي كما هم فئة النيوليبراليين الرأسمال الفاسدين من رؤساء وزارات سابقين ووزراء وأتباعهم..والذين يسيطرون على أهم مفاصل الوطن من الناحية الاقتصادية، والعبث بكل الممتلكات الخاصة بالمواطن، ولو أن الإخوان المسلمين انعطفوا يوماً باتجاه البوادي والمخيمات والأرياف لمساعدة الناس، والبدء بمسلسل عام من الإصلاح على مستوى الشأن العام والذي يخدم كل قطاعات البناء، لتحول الشارع بأكمله باتجاههم ولسار معهم على طريق التغيير الذي يريدوه حالياً، فقد آن الأوان للإخوان المسلمين أن ينقلبوا على الحكم في الأردن مستغلين ما يحدث من فسيفساء غير واعية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الوطن العربي، وهذا ما حذرنا منه سابقاً.
إذا كان الهدف من هذه المسيرة هو الإصلاح ونحن معكم، لماذا تستغل هذه الأوقات بالذات لإشعال فتيل العنف داخل هذا الوطن المتجانس؟، وما قانون الانتخاب الذي تريدون ليرضي نرجسيتكم التي تتعاملون بها مع القانون والشعب ككل؟
الإصلاح العام مطلب لا يمكن التراجع عنه ، وإقصاء مؤسسة الفساد حول النظام شخص الملك تحديداً، والمتمثلة بطبقة الرأسمال الفاسدة والسارقة للوطن والمواطن والمشرعين لهم بذلك من قبل المؤسسة الدينية الأمريكية الصنع ، والقضاء الهزيل، وبعض رعايا الإعلام المزور والمخالفين لشرف المهنة، أيضاً هم على رأس المطالبات بالمحاكمة والإصلاح، وإقصاء من لا يستحق، والشّد على يد الإصلاحيين جميعاً، فأنا لا أرى حالياً وأمام هذا المشهد العام والذي بدأ يتضح فعلاً، أن كل القوى الوطنية باستثناء الإخوان المسلمين هم من يحرصوا على أمن الوطن وكل فئات الشعب أيضاً، فإذا كان الإخوان المسلمون بحشدهم هذا حتى لو بلغ المائة ألف سيحولون الشارع باتجاههم فهم واهمون جداً، فهناك الملايين في هذا الوطن يرفض سلوكهم النفعي والمؤطّر بسلسلة من العمالة المباشرة وغير المباشرة بأعداء الأمة العربية والمتمثلة بمعسكر الشر الامبريالي الصهيو-أمريكي، فالحقيقة أنه من أراد أن يستمدَّ القوّة في الموقف العام والداعم له فليأخذه من خلال مكونه الذي يعيش’ بداخله، لا عن طريق عدو استأثر بسياساته العامّة اتجاه العالم العربي والإسلامي سياسة التفكك والسيطرة على جامعنا من الثقافة والوجود.
يوم 5-10 -2012 هو يوم خزي وعار إن حدث شيء يغضب وجه الحق عزَّ وجل، فمسلسل المؤامرة على سيل الدماء مستمر في داخل نسيج هذه الأمة ، ونعرف جيداً أن المجتمع سينعطف باتجاه المقاومة، لأن هذه المسيرة هي مسيرة إشعال فتنة للمكون الأردني، فليس الهدف منها الإصلاح بقدر ما هو الهدف إضعاف المكون العربي، ومد يد العون لمسلسل الاحتلال القادم باللعب على ورقة الوطن البديل بمساعدة الإخوان المسلمين، وجعل مساحة واسعة من التفرقة بين كل المكون الأردني، فلا من مبرر للمشاركة بمسيرة الفتنة يوم 5-10 -2012 والتي لم تحمل أي صفة واحد لشرعية القيام بها سوى الظهور فقط بمنطق المصلحة الشخصية الضاغطة، وفرض أنفسهم على مكون لا يعترف بشرعيتهم في الإصلاح، فلو كانوا بهذا الحجم من الغيرة على الوطن لاستمروا قديماً بالمشاركة في دعم كل قوى الوطن اليسارية الحرّة، ما دام الوطن هو المصلحة الأولى لديهم..