سلمية الحراك مصلحة وطنية كبرى

في ظل الدعوة إلى المسيرة يوم 10/5، يجب تنبيه جميع القوى السياسية والاجتماعية إلى ضرورة الالتزام بالمنهج السلمي، والبعد كل البعد عن منطق العنف أو الاستفزاز أو المواجهة، جميع الأطراف المشاركة وغير المشاركة، الحكومة والأجهزة الأمنية أيضاً. ويجب أن يلتزم الداعون إلى المسيرة بالإعلان الواضح والصريح إلى أتباعهم ومؤيديهم بعدم استخدام أي مظهر أو وسيلة تؤدي إلى التحريض أو التصعيد والتوتير الذي يسمم الأجواء ويؤدي إلى إحداث أضرار جسيمة لا تخدم المسيرة الإصلاحية، ولا تخدم أي طرف أو مكون من مكونات مجتمعنا الأردني، كما يجب على الحكومة أن لا تسمح لبعض الأطراف بافتعال المواجهة والبحث عن الصدام.
وينبغي أن يعلم كل من يهمه الأمر أن هناك جهات خارجية تسعى لإثارة الصدام والمواجهة بين الدولة من جهة، وبين الحركات الإصلاحية وعلى رأسها الحركة الإسلاميّة من جهة أخرى، وتسعى جاهدة إلى إثارة أجواء التحريض والكراهية التي تمثل البيئة الخصبة للعنف والصدام، وتحاول استثمار هذه المناسبة لتحقيق بعض أهدافها، وفي الوقت نفسه هناك جهات داخلية أيضاً تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى الهدف نفسه الذي يفضي إلى توسيع الهوة وتعظيم الشقة بين الحركة الإصلاحية الأردنية وبين السلطة ومؤسسة القرار، من أجل استمرارها بالاستئثار بالمناصب والمقدرات، أو البحث عن موقع في أجواء العداء وسياسة الإقصاء، وترى في مسيرة الإصلاح خطورة تهدد مصالحها الضيقة التي لا تتأتى إلاّ من خلال الفساد واستمراره، أو من خلال أجواء الفرقة وتعميق جذورها.
ومن أجل تفويت الفرصة على هذه الأطراف المشبوهة يجب أن تسعى جميع الأطراف المشاركة في الحراك الإصلاحي الوطني من قوى سياسية وعشائرية ونخب اجتماعية وشخصيات وطنية، إلى أن تتحالف على سلمية الحراك وهدوئه وانضباطه في القول والعمل، ويجب التوافق على الأهداف والغايات والسقوف
والسياسات والوسائل، وأن لا تسمح للانفعال والنزق بالتسلل إلى صفوف الإصلاحيين، وأن لا تسمح بظهور خطاب العنف أو استخدام القوة، ولا تسمح بالاختراقات التي تحاول صرف الحراك الإصلاحي عن مساره العاقل، الذي يدعو إلى مطالبه المشروعة بالحرية والكرامة ومحاربة الفساد، وإعادة السلطة للشعب بخطاب راشد عاقل وواضح وصريح بعيداً عن لغة الشتم والسباب وبعيداً عن خطاب التخوين والتكفير وبعيداً عن لغة التحريض وسياسة الإقصاء.
الخطاب الإصلاحي خطاب وحدوي توفيقي، يبتعد عن التعصب الديني والمذهبي والجهوي، ويدعو إلى التغيير والإصلاح بطريقة سلمية هادئة ومتدرجة، وتعود بالمصلحة على كل مكونات الدولة، بلا استثناء، ويدعو إلى محاربة الفساد، وتطهير أجهزة الدولة من الفاسدين والعابثين بالمال العام وكل من يؤثر المصلحة الفردية الضيقة والمصلحة الفئوية على المصلحة العامة ومصلحة الوطن العليا.
إن كل من يدعو إلى العنف والمواجهة، وكل من يستعمل لغة التحريض والإقصاء، ليس أردنياً، ولا ينتمي لهذا الوطن، ولا يريد الإصلاح ولا يريد الخير لهذا الشعب ولا لهذه الدولة، ويجب أن نعمل جميعاً على محاصرة الأصوات النشاز، التي تصب الزيت على نار الفتنة، وتغذي بالحطب موقد الفرقة والكراهية، ويجب أن نتعاون جميعاً على المحافظة على سلمية الحراك وهدوئه ووحدته، وعقلانية الخطاب وقوته وحكمته.
( العرب اليوم )