بالجنّ أم بالجنون ؟

حملت الأخبار منذ بداية الأسبوع قصصاً لا يمكن أن تصدق، وقعت في أربع مناطق، كان لنا في الأردن منها اثنتان، وهي تكشف حجم الخواء الذي يعشّش في عقول أناس يعيشون بيننا، يتحدثون لغتنا، ويرسلون أبناءهم إلى المدارس مثلنا، وقد ينشئ أحدهم صفحة على الفيسبوك تناغماً مع العصر الجديد، لكنهم بكل تأكيد ليسوا أبناء هذا العصر، ويسكن في عقولهم تخلف عمره مئات السنين، لكنهم في الإنسانية محسوبون علينا.
أول هذه الاخبار ما كشف عنه رجال البحث الجنائي في محافظة الزرقاء من القاء القبض على شخصين بتهمة الاحتيال على شخص يحمل الجنسية السورية.
المواطن السوري تعرض لعملية نصب بمبلغ 31 ألف دينار، من قبل شخصين وتم إيهام هذا الضحية من قبل الشخصين بأنهما سيساعدانه على استخراج الذهب من إحدى المناطق في محافظة الزرقاء.
الشخصان أخذا منه المبلغ بدعوى شراء نوع من البخور ، لغايات "تخدير جِنِّيٍ يقوم بحراسة كنز الذهب" ، حيث تواريا بعد ذلك عن الأنظار.
والخبر الثاني، الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الكبرى بإعدام أب بالغ من العمر ( 49 عاما) شنقا حتى الموت لاغتصابه ابنته البالغة من العمر (17 عاما) 288 مرة، منذ بلوغها الحادية عشرة من العمر.
وفي تفاصيل الأب وبعد إقدامه على اغتصاب ابنته عمد إلى تهديدها بالقتل في حال فضحت أمره ، وبعد اكتشاف ان الفتاة حامل قامت بإخبار شقيقها بما حصل وقدمت شكوى وجرت الملاحقة، وأظهر الفحص الجيني الوراثي ان المتهم هو أب بيولوجي للجنين .
هذا عندنا، أما في الشقيقة الكبرى مصر، فقد فَجّر داعية اسلامي يدعى الدكتور ياسر برهامي مفاجأة بقوله:"إن الدين الإسلامي لم يحدد عمراً معيناً لزواج الفتاة طالما أنها قادرة على المعاشرة"، ليضيف هذا الداعية وللاسف عضو الجمعية التأسيسية للدستور، إنه "يجوز للبنت في سن التاسعة أو العاشرة أن تتزوج، طالما أن زواجها لن يعيقها عن تكملة تعليمها، مشدداً على أن ذلك أفضل من الوقوع في معصية الزواج العرفي، بل إن هذا حق من حقوقها".
ومن تداعيات الربيع العربي، لا يمضي يوم إلا وتخرج علينا فضيحة شاذة لعقيد حكم ليبيا اربعين عاما، آخرها ما كشفه الاعلامي أحمد منصور حول الكثير من الأفعال الشاذة التي كان يقوم بها القذافي داخل كلية الطب البشري في ليبيا، وتحديدا تحت المدرج الرئيسي الذي هو عبارة عن استراحة بناها القذافي داخل الجامعة، كانت هذه الاستراحة أحد أشكال السلوك الشاذ لدى القذافي الذي كان يتردد على الجامعة لاصطياد الطالبات، وقد رتب له مساعدوه كاميرات داخل ممرات الجامعة وأركانها يستطيع من خلالها رؤية من يشاء من الفتيات الجميلات، فيقوم مسجل الجامعة - الذي لم يكن سوى "قواد للقذافي وأبنائه" - بعرض صور الفتيات الجميلات عليهم، ثم يقومون باستدراج الفتيات بالتهديد والوعيد ويعتدون عليهن.
بعد كل هذه الفضائح، يحق لنا أن نرفع الصوت عالياً، ونقول: يكفينا تخلفاً.. يكفينا رجعية، فحجم التخلف الذي يسكن بين جدران حياتنا، ويطل برأسه من دون وازع ضمير إنساني، لا بل يتم تغليفه بحجج دينية واهية، لا تصمد أمام المدنية والمجتمع المتحضر.
( العرب اليوم )