الحكومة والإخوان: ماذا أنتم فاعلون بنا ؟

يختلط مفهوما الدولة والحكومة كثيراً هذه الأيام حتى في الاستخدام الرسمي وشبه الرسمي، وخطورة هذا الخلط تأتي من أنه يترافق مع خلط مماثل بين المفهومين في الثقافة الشعبية والكلام العامي، حيث يتم استخدامهما باعتبارهما يشيران الى أمر واحد.
إن عدم التمييز الواضح والممارس بالفعل بين الدولة والحكومة، يحرمنا الآن من فرصة التعامل بطريقة عقلانية مع صراع الحكومة والاخوان بجوهره الحقيقي، أي مع كونه صراعاً بين فريقين سياسيين: واحد في السلطة والثاني يسعى اليها.
الطرفان معاً يستمرئان و"يستطيبان" هذا الخلط؛ فالحكومة تقدم نفسها على أنها هي الدولة، بينما هي في الواقع ليست أكثر من طرف سياسي يمثل فئة أو فئات اجتماعية لها مصالحها الخاصة، ولكنها لا تريد أن تعترف بذلك وتصر على أنها كل الدولة، وهي لا تتردد عند الأزمات عن الزج بكل المكونات الشعبية والمجتمعية في معركتها التي هي معركة طبقية ضيقة خاصة، غير أنها تصر على أنها معركة الدولة والشعب.
الإخوان من جهتهم، في جوهر نهجهم الحالي يستهدفون الدولة سواء جرى ذلك بوعي أم بلا وعي عند الأفراد، لكهنم يقدمون أنفسهم بصفتهم معارضاً "شعبياً" للحكومة، إنهم يتقدمون بموقفهم "المعارض" و"الشعبي" هذا على بيئة اجتماعية مهيأة له، لأنها عانت وتعاني فعلاً من سياسات حكومية طويلة الأمد جلبت الفقر وانعدام العدالة وضربت الكرامة الوطنية. لكن المتابع لنهج الاخوان لا يكاد يعثر على فكرة واحدة واضحة تشكل بديلاً حقيقياً يلتقي مع مصلحة الناس الذين يعملون بينهم ويحشدونهم. لا بديل حقيقياً عندهم، لا في المسألة الاجتماعية ولا في المسألة الوطنية والقومية.
كل من الطرفين يستطيع ضمن عناوين وشعارات معينة أن يحشد قسماً من الشعب في معركة لا يمكن ان تكون معركة لهذا الشعب، وفي هذه الأثناء قد يجد المجتمع نفسه أمام تهديد حقيقي.
تعالوا أيها الناس نرفع صوت حماية المجتمع والبلد بمكوناتهما الشعبية، من صراع خصمين يقومان الآن بأوسع عملية تمويه على أهدافهما الفعلية.
( العرب اليوم )