مَن يوقف استعراض القوة يوم الجمعة ؟

قيادة المسيرة أعدت سيارات إسعاف ووفرت طواقم طبية من أطباء وممرضين وادوية واسعافات اولية .
الاعصاب مشدودة والاحاديث بين الاردنيين لا تدور الا عما سيحدث يوم الجمعة المقبل في ساحة الجامع الحسيني بوسط البلد من استعراض للقوة من جانب جماعة الاخوان المسلمين التي بدأت تعتبر مسيرة" انقاذ الوطن" جزءا من عملية تحد شاملة للدولة الاردنية وإثبات القوة على الارض وصولا الى هدف إفشال عملية اجراء الانتخابات باي ثمن رغم حرص كل القيادات الاخوانية على التهدئة من خلال التأكيد على "سلمية المسيرة وسقفها اصلاح النظام".
والاخطر ان هناك توقعات اخوانية داخلية من ان المشاركين في المسيرة من جميع المحافظات سيصل عددهم الى مئة ألف شخص ليتظاهروا يوم الجمعة انطلاقا من ساحة الجامع الحسيني، وهناك حديث عن شعب اخوانية استطاعت في عمان تجييش اكثر من 20 ألف متظاهر. ومن ينظر الى تعليمات يوم المسيرة "خطة الحشد والتبليغ" والامر القيادي بوقف "العمل بالمنهاج حتى تاريخ المسيرة" يشير الى الاهمية القصوى التي ينظر بها الاخوان ليوم المسيرة وتبعاتها.
ومن هذه التعليمات المذكورة على سبيل المثال وليس الحصر:
1-يطلب من كل فرد(اخواني) وضع خارطة طريق للتحرك
2-المفروض ان يشارك جميع الاخوان وعائلاتهم حتى المرضى
3-ان يبالغ في ترتيب وصول المرضى ولو على عربات
4-المشاركة في المسيرة تعامل مع الله وقربى اليه
5-وقف العمل بالمنهاج (الديني والتربوي) اليومي للاسر الاخوانية حتى تاريخ المسيرة
6-الاستيقاظ قبل الفجر بساعة لقيام الليل والاخلاص في الدعاء لانجاح المسيرة
7-لا مانع صباح يوم المسيرة من استخدام السماعات الكبيرة على السيارات المكشوفة في المحافظات للتذكير والترويج للمسيرة.
8-عند الوصول الى عمان يفضل الصلاة في المساجد القريبة من الجامع الحسيني والنزول في مسيرات فرعية والانضمام الى المسيرة المركزية في صفوف كصفوف الصلاة
9-ترك الصفوف الاولى لاعضاء المكتبين التنفيذيين (جماعة وحزب)
10-لا مانع من الهتاف الفرعي شريطة الالتزام بسقوف الدعوة التي سقفها اصلاح النظام فقط وعدم الانزلاق الى شعارات اخرى.
ويبدو ان قيادة الاخوان قد اعدت العدة اذا ما وقعت مواجهات عنيفة مع قوات الدرك حيث تم تحضير واستئجار سيارات اسعاف واستئجار ساحات وسط البلد وتوفير طواقم طبية من اطباء وممرضين وادوية واسعافات اولية.
هذا جزء قليل مما استمعت اليه امس في الحديث مع عدة اطراف "اخوانية" وكان بعضهم يتحدث من منطق قوة وعدم الخوف من خطورة المواجهة المقبلة وامكانية الصدام وبين اخرين يتحدثون عن ضرورة التزام الهدوء وعدم التصعيد.
والخوف هنا ليس من غياب قوات الامن عن المسيرة كما سربت اطراف رسمية او خروج مسيرة مضادة للاخوان في نفس المكان والزمان بل الخوف من "افتعال صدام من اي فرد او مجموعة" ومن يضمن السيطرة على هذه الحشود اذا دبت الفوضى في الشوارع والتي يتوقع "الاخوان" انها ستزيد على المئة ألف انسان ، من يستطيع ضبط هذه المجاميع الكبيرة من الناس ؟
من حق الدولة ان تمنع خروج اية مسيرة يوم الجمعة المقبل حفاظا على الامن والاستقرار ودرءا للفتنة ولكن ليس من حق الدولة ان تغيب اجهزتها الامنية في وسط عمان لأن صميم عمل تلك الاجهزة ضبط الامن والنظام ومنع التعدي على حريات وممتلكات الاخرين، فالرد على اساءة الظن بالاجهزة الامنية يكون بمزيد من الحضور لتأكيد قوة هذه الاجهزة في فرض النظام العام .
للاسف فإننا مقبلون على حدث خطر جدا يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي وقد تنقل هذه الاحداث حالة الشوارع من الاستقرار والامن والامان الى حالة التشرذم والفوضى، لان المساءلة لم تعد فقط مسيرة تعبير عن الرأي، بل اصبحت عملية تحد كبير تحاول فيها جماعة الاخوان ارسال رسائلها الى الدولة والنظام والشعب الاردني .
من حق اي حزب او جهة سياسية او حتى نقابية ان تخرج في مسيرة سلمية للمطالبة بالاصلاحات او محاربة الفساد لكن ليس من حق اي طرف ان يجر البلاد والعباد الى الفوضى من اجل هدف مناكفة الحكومة وتقويض العملية الانتخابية وما يرافقها من اهداف لتقويض النظام ، فلا يمكن التعويل على "سلمية المظاهرة وسقف الهتافات التي لا تتعدى الاصلاح" من يضمن ذلك ؟
"انها ساعة الحكماء وليس ساعة الاقوياء" .
( العرب اليوم )