استمرار التباطؤ الاقتصادي في الربع

لم تأت ِ دائرة الإحصاءات العامة بمفاجأة عندما أعلنت أن حجم الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من هذا العام لا يزيد عما كان عليه في نفس الربع من السنة الماضية إلا بنسبة 9ر2% بالأسعار الثابتة أي أن النمو الاقتصادي الحقيقي الذي تحقق خلال 12 شهراً نصفها في العام الماضي ونصفها في السنة الحالية ما زال في حدود 3%.
هذه النسبة قد تكون مقبولة في البلدان الصناعية المتقدمة ، ولكنها ليست كذلك في اقتصاديات البلدان الصاعدة. وفي الأردن بالذات كان النمو الاقتصادي يتراوح عادة حول ثلاثة أمثال النسبة التي تتحقق الآن ، الأمر الذي يدل على استمرار حالة التباطؤ الاقتصادي للسنة الثالثة على التوالي.
كنا في السابق نلوم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ونحملها المسؤولية ، ولكن تلك الأزمة رحلت أو كادت ، وما علينا الآن سوى أن نلوم حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي ، ليس في الأردن فقط بل في المنطقة العربية بأسرها ، فما يسمى الربيع العربي أعطى ثماراً مرة.
المحرك الأول للنمو الاقتصادي هو الاستثمارات الجديدة وتوسعات المشاريع القائمة. ومن الطبيعي أن تهبط الاستثمارات الخارجية والمحلية ، وتتأجل مشاريع التوسع بانتظار أن يهدأ الغبار الذي نثيره بأيدينا ابتداءً بساحة الجامع الحسيني وانتهاءً بساحة النخيل.
الاقتصاد الأردني شديد الحساسية للمتغيرات المحلية والإقليمية ، ذلك أن حوالي 73 بالمائة منه يمثل قطاعات الخدمات ، أما الزراعة والصناعة والتعدين والإنشاءات والمياه والكهرباء ، فإنها مجتمعة لا تسهم بأكثر من 27 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
في اقتصاد خدمات كالاقتصاد الأردني فإن كلمة السر في النجاح والنمو هي الأمن والاستقرار والتيقن والثفة العامة ، وهي عوامل مهددة بفعل داخلي ليس مفروضاً علينا ولكن تحركه المطامع المادية والطموحات السياسية ، فكثيرون يعتقدون أن الظروف الراهنة مناسبة لتحقيق المغانم على المستوى الشخصي ، أو للقفز إلى الحكم أو المشاركة المباشرة فيه.
البلدان العربية التي إجتاحها الربيع العربي لم يتباطأ اقتصادها وتنخفض نسب نموها فقط ، بل تراجع اقتصادها وحقق نموأً سالباً كلفها خسائر تحتاج لسنوات عديدة لتعويضها. والمأمول أن يرحمنا الطامعون بالمنافع المادية والسياسية ، ويتخلوا عن أنانيتهم ، وينحازوا إلى الوطن الذي يرفعون شعاراته ليكونوا له وليس عليه.