خسارة الأخوان المسلمين

تم نشره السبت 06 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 11:45 مساءً
خسارة الأخوان المسلمين
حماده فراعنه

خسر الأخوان المسلمين ، معركة كسر الأرادات ، حينما وضعوا أنفسهم في مواجهة كافة الأطراف السياسية الفاعلة في بلادنا ، في مواجهة الحكومة والقوى المحافظة التقليدية ، وقوى المعارضة اليسارية والقومية ، والشخصيات المستقلة برئاسة أحمد عبيدات ، وقوى الحراك الشعبي ، والنقابات المهنية .

خسر الأخوان المسلمين ، معركة المواجهة ، حتى ولو سببوا الأذى لخصومهم ولحلفائهم ، وهم مثل المانيا النازية ، التي سببت الأذى لأعدائها في الحرب العالمية الثانية ، وهم بلدان التحالف الأربعة في ذلك الوقت : الأتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ، مثلما سببت الأذى لنفسها ولحلفائها بلدان المحور الثلاثة ( المانيا ) ولكل من إيطاليا واليابان ، وخسرت الحرب ، ودمرت نفسها ومن حولها .

الأخوان المسلمون خسروا معركة المواجهة مع الأخرين ، لأنهم خاضوا المعركة لوحدهم ، بمعزل عن تعاطف وإسناد حلفائهم من القوى اليسارية والقومية ، والنقابات المهنية وأحمد عبيدات وجماعته من الشخصيات المستقلة ، ناهيك عن قوى الحراك الشبابي والشعبي ، لقد تصرف الأخوان المسلمين مثل الطائر الذي يذهب إلى المصيدة المنصوبة له بيديه ورجليه ، فذهبوا بلا غطاء أو سند ، نتيجة الغرور الذي صابهم ، معتمدين على عوامل توهموا أنها تصب لصالحهم ، او تصب في مجرى إنتصارهم ، وحقيقة الوضع أن عوامل صنع الحدث السياسي في عالمنا العربي لا تسير لصالحهم ، بل بالعكس ، لقد أدت العوامل التي صنعت ظهورهم ونجاحهم ، في مصر وليبيا وتونس والمغرب ، إلى أدوات ضاغطة عليهم ، وتحولت بدلاً من أن تكون روافع لهم في البلدان الأخرى التي يقودون المعارضة فيها كالأردن وسوريا واليمن والكويت وغيرها ، إلى عوامل محبطة أمام الجمهور الأردني ، الذي يسعون إليه ويعتمدون عليه .

لقد راهن الأخوان المسلين عندنا على عدة عوامل إقليمية محيطة بنا ، يمكن تلخيصها كما يلي :

أولاً : راهن الأخوان المسلمين على إنتصار الثورة السورية بقيادة المجلس الوطني وعموده الفقري حركة الأخوان المسلمين السورية وجيش سوريا الحر ، ولكن " الأخوان " لم يفهموا مغزى توقف حركة قطار ثورة الربيع العربي في المحطة السورية ، وثباته وجموده فيها ، وعدم قدرته على تحقيق نتائج تُلبي الأنتصار وتحققه على نظام حزب البعث وعلى الرئيس بشار الأسد ، وبذلك يعني ، أن توقف قطار الربيع العربي في المحطة السورية هو إنتكاسه للربيع العربي ، وتراجع فعالياته ، لأن الربيع السوري لم يتجاوب مع مجريات الثورة في تونس ومصر ونتائجها ، مثلما لم يتجاوب مع تجربة التسوية اليمنية ، ولم تسمح بنقل التجربة الليبية لسوريا لعدم توفر الغطاء الدولي للتدخل العسكري الأميركي الأوروبي كما حصل في تجربتي العراق وليبيا ، والذي منعه الفيتو الروسي الصيني ، ولذلك سوريا في حالة نزيف بسبب الصراع بين النظام والمعارضة المسلحة ، يدفع ثمنه الشعب السوري وغير متوقع إنتصار طرف على الأخر بسبب الضخ المالي والسياسي للطرفين من أطراف إقليمية ودولية متكافئة .

نتائج الربيع العربي في محطته السورية ، إنتكاسة للإخوان المسلمين وهزيمة لهم ، إلى الأن .

ثانياً : وراهنت حركة الأخوان المسلمين ، عندنا ، على نتائج التفاهم الأميركي مع المرشد العام ومكتب الأرشاد ، وعلى نتائج الأنتصار الذي حققه الأخوان المسلمين في مصر ، وليبيا وتونس والمغرب ، ولكن نتيجة هذا التفاهم ، لا يصب في مصلحة الأخوان المسلمين وسمعتهم ومبادئهم ، فقد جاء التفاهم الأميركي مع الأخوان المسلمين ، ليحمي كامب ديفيد ثمناً للمساعدات المالية الأميركية للمؤسستين المدنية والعسكرية المصرية ، وللحصول على منحة أميركية لشطب مليار دولار مستحقة لواشنطن على القاهرة ، وثمناً لطلب القاهرة في الحصول على قرض من البنك الدولي قيمته 4.6 مليار دولار ، ولذلك يسعى المرشد العام لحماية ما تحقق من نتائج إنتخابية لصالح الأخوان المسلمين في مصر ، ويسعون للحفاظ على ما تحقق وهم مقبلون على معركة الأنتخابات البرلمانية ( إنتخابات الأعادة بعد حل البرلمان ) ومقبلون على معركة رفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع مقابل الحصول على القرض من البنك الدولي ، ولهذه القضايا الأولوية لما عداه من إهتمامات ، وهي تصب في كشف الأخوان المسلمين وتعريتهم كحزب سياسي مثله مثل باقي الأحزاب ويقع أسيراً للواقع السياسي والأقتصادي الصعب ، ولا يتميز عن غيره لا في الغطاء ولا في محاولات حل المشاكل .

ثالثاً : راهن الأخوان المسلمون عندنا ، على فك الحصار عن حركة حماس وتوليها زمام المبادرة في مواصلة إدارة قطاع غزة منفردة وتراجع مكانة منظمة التحرير وسلطتها الوطنية لصالح حماس ، بعد إنتصار الأخوان المسلمين في الأغلبية البرلمانية ونجاح محمد مرسي في الفوز بمقعد الرئاسة المصرية .

وقد تبين أن مصر الأخوان المسلمين برئاسة محمد مرسي ، عاجزة عن تلبية تطلعات حركة حماس وأن القيود المكبلة للسياسة المصرية عبر كامب ديفيد وللإقتصاد المصري عبر الأتفاقات والحاجة للمساعدات هي الأقوى في القرار السياسي المصري برئاسة محمد مرسي ، وإدارة الأخوان المسلمين .

عوامل الرهان الثلاثة لدى قادة الأخوان المسلمين ، لم تكن في محلها ، بل إن العوامل الثلاثة السورية ، والتفاهم مع الأميركيين في مصر ، وعدم قدرة حماس على كسر إتفاقات كامب ديفيد وأوسلو وإتفاق باريس ، يصب في مصلحة إضعاف حركة الأخوان المسلمين عندنا ، ناهيك عن روح المغامرة والتطرف التي دفعتهم لخسارة الحلفاء .

خسر الأخوان المسلمين ، رهانهم على عوامل القوة التي توهموا أنها بحوزتهم ، وذلك لأن عوامل القوة هذه ، بدلاً من أن تكون رافعة بيدهم تحولت كي تكون أداة ضاغطة عليهم ، مما أفقدهم بوصلة تحركهم ، فتحركوا منفردين معزولين عن أقرب حلفاء لهم في الجبهة الوطنية للإصلاح وهم 1- الأحزاب القومية واليسارية 2- النقابات المهنية 3- الشخصيات المستقلة برئاسة أحمد عبيدات .

لقد راهنوا على عوامل إقليمية لم تتم لصالحهم ، وقللوا من مكانة الأخرين في أحزاب التيار القومي اليساري ، ولدى النقابات المهنية ومكانة أحمد عبيدات ، وراهنوا على قوتهم الأنفرادية ، مثلهم مثل حركة حماس في قطاع غزة ، فخسروا ولم يفلحوا ، وأصبحوا أسرى شعاراتهم الحزبية ، وأسرى إنكفائهم عن الأخرين ، معتقدين أن موقف الصواب وحده إذا توفر له الصواب ، يمكن أن يؤدي إلى الأنتصار بمعزل عن الحلفاء مهما كانوا متواضعين .

لقد نظر الأخوان المسلمين ، بإستهتار لدور وقيمة أحزاب المعارضة والنقابات المهنية والشخصيات المستقلة الذين رفضوا الأنصياع أو إمتنعوا عن الأستجابة لقرارات الأخوان المسلمين وتوجهاتهم ، وهكذا خسروا حلفاءهم الثلاثة في معسكر المعارضة .

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات