ما هي مواصفات الرئيس القادم؟

خلال اليومين القادمين ستقدم الحكومة استقالتها وستكلف حكومة جديدة الخامسة خلال عامين، ومع ان انشغال الرأي العام «ببورصة» المرشحين للرئاسة والوزارة قد تراجع لأسباب مفهومة، الا ان «مهمة» الرئيس الجديد في الشهور الثلاثة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات المرجح ان تكون في بداية 2013 تستدعي طرح سؤالين اثنين: احدهما يتعلق «بالمهام» التي ستوكل للحكومة الجديدة في غياب البرلمان، والآخر يتعلق «بالمواصفات» التي يفترض ان تتوفر في «الرئيس» لكي يتعامل مع الملفات الساخنة سواء أكانت سياسية ام اقتصادية.
لمزيد من التوضيح، استطاعت الحكومة الحالية ان تحسم العديد من «القضايا» المؤجلة، فقد بدأت برفع اسعار المشتقات النفطية والكهرباء، ثم مررت قانون الانتخاب، وقانون المطبوعات، ويرجح ان تنهي عمرها باصدار قرار رفع الدعم عن السلع، لا تسأل بالطبع عن صدى مثل هذه القرارات في الشارع ولا عن فيما اذا ستترك «انجازات» معتبرة وتصب في الاتجاه الصحيح، المهم انها ستترك للحكومة الجديدة «عبئا» يحملها مسؤولية تبني هذه المقررات وتسويقها، وهي مهمة بالطبع ليست سهلة وبالتالي فان شخصية الرئيس الجديد وطاقمه الوزاري ستحددان كيفية التعامل سياسيا واقتصاديا مع هذا الملف.
نقطة ثانية وهي ان العلاقة مع الحركة الاسلامية والحراكات الشعبية ستكون حاضرة عند التفكير بتركيبة الحكومة الجديدة، صحيح ان ملف الاصلاح قد حسم رسميا باتجاه، «الوصفة» التي قدمت، وان المعارضة قررت مقاطعة الانتخابات واختارت الشارع، لكن الصحيح ايضا ان الاستسلام لهذه «المعادلة» الملغومة سيحمّل البلد كلفة سياسية باهظة؛ الأمر الذي يفرض على الحكومة الجديدة فتح ما يلزم من قنوات «حوار» ان لم يكن من اجل تحسين عروض المشاركة والوصول الى تفاهمات وطنية، فمن اجل الحفاظ على درجة حرارة «المزاج» العام وفق معدلاتها الطبيعية، وتجنب الدخول في صدامات ومفاجآت غير محسوبة، كيف؟ لا ادري، لكن يمكن للحكومة الجديدة ان تجتهد في طي صفحة العامين المنصرمين بالتوجه الى «طاولة» حوار وطني جدّي ينتهي الى «صياغة» توافقات «الحد الادنى» لضمان ممارسات سياسية متزنة، سواء من الجانب الرسمي او من المعارضة، هذا –بالطبع- اذا تعذر الوصول الى «المشتركات» التي تسمح باعادة ترتيب اولويات «الاصلاح» واعتماد «الانتخابات» مدخلا لذلك.
اذا اضفنا لذلك ان الحكومة الجديدة لن تكون معنية مباشرة بادارة الانتخابات، باعتبار ان هذه المهمة اسندت للهيئة المستقلة، فان مهمتها الاساسية في الشهور الثلاثة القادمة محددة في «تهيئة» المناخات السياسية للتعامل مع استحقاقات الانتخابات اولا، ومع تصاعد حدة مطالب الشارع ثانيا، ومع اصرار الحركة الاسلامية على شروطها ثالثا، ناهيك عن المستجدات الاقليمية الضاغطة، وهذا كله يجعل السؤال عن «مواصفات» الرئيس القادم ودوره في المرحلة «الانتقالية» موضوعا للنقاش، لا لأن «الحكومة» أيًا كان رئيسا ستضرب «بعصاها» السحرية لتشق البحر، ولا لأنها تملك «وصفة» اخرى تعيد عقارب ساعتنا السياسية والاقتصادية الى الوراء لكي تضبطها على مواعيد جديدة، وانما لاننا نتوقع فقط بأنها لن تجد امامها ما يضطرها الى «استفزاز» الشارع بمقررات صعبة، وبأنها استطاعت ان تفهم ما يدور في مجتمعنا من موقع المراقب على مدى الشهور الماضية، وتعلمت من تجارب من سبقها، بما يكفي لتحديد بوصلتها نحو: اعادة «العافية» للمجتمع والانتقال من دائرة الارسال الذي مارسته الحكومات الى دائرة «الاستقبال» ومن منطق الاستعلاء والاستعداء الى منطق الفهم والحوار والتوافق.(الدستور)