وفد عشائري إلى أمريكا
تداولت بعض وسائل الإعلام الأردنية خبراً محلياً مفاده أنّ هيئة الطاقة النووية الأردنية عمدت إلى اختيار وفد عشائري من أهالي الرمثا من أجل السفر إلى أمريكا للاطلاع على تجربة المفاعلات النووية؛ في محاولة لإقناع أهل الرمثا بالمشروع النووي الأردني الذي يجرى بناؤه على أراضي المنطقة قرب جامعة العلوم والتكنولوجيا، والذي يجد معارضة قوية من الأهالي نظراً لما يترتب على هذا المشروع من أضرار فادحة متوقعة تلحق بالأرض والمزروعات والناس والبيئة، تهدد حياة المواطنين وتهدد المنطقة بأسرها، خاصة أنّ المنطقة التي يجرى بناء المشروع عليها تعد من أجمل مناطق المملكة وأكثرها خصوبة، إذ كانت تزود المملكة بكميات كبيرة من القمح والشعير وبقية أنواع الحبوب إضافة إلى زراعة الأشجار المثمرة وغير المثمرة.
يجرى اختيار الوفد من جمعية تطلق على نفسها اسم الجمعية العربية للفكر والثقافة في الرمثا، على أسس عشائرية، بعد أن كانت قد التقت بعض المسؤولين في الهيئة النووية، وتدارست معهم قبول عرض السفر بتمويل من الهيئة ومن دون شرط من أجل إحداث القناعة لديهم بأهميّة المشروع من خلال هذه الزيارة المقترحة.
لقد صدر بيان عن حراك الرمثا بهذا الخصوص مؤرخ بـ 2012/10/8م يشير إلى أنّ الهيئة تسعى من خلال هؤلاء للترويج للمشروع بين الأهالي بهدف خلق رأي عام مساند للمشروع والحيلولة دون خلق عوائق شعبية أمامه، وأشار البيان أنّه من خلال النظر في أسماء أعضاء الوفد العشائري يتبين عدم صلتهم بهذا الاختصاص، ممّا يجعلهم غير متمكنين من إصدار أحكام تتعلق بهذا المجال، إضافة إلى أنّهم لا يملكون أية صفة تفوضهم بالإنابة عن أهالي الرمثا أو إقليم الشمال المزدحم بالسكان المعرضين للضرر البالغ، الذي يلحق بهم وبأبنائهم وأرضهم وترابهم وهوائهم، وحيواناتهم، ومزروعاتهم، عبر سنواتٍ وأجيال، كما أشار البيان إلى أنّ سفر أعضاء الوفد للسياحة في أمريكا على حساب الهيئة هو استمرار لنهج إهدار المال العام، وجزء من مشهد الفساد الذي تعاني منه البلاد.
وفي المناسبة ، لقد تمّ تداول هذا الموضوع في مجلس النواب الأردني المنحل، وأصدر قراراً ملزماً للحكومة بوقف العمل بهذا المشروع، كما صدر تصريح صحافي عن أحد المسؤولين الصهاينة يفيد بعدم معارضة "إسرائيل" لقيام هذا المشروع إذا تحققت الضمانات بعدم إلحاق الأذى بمواطني (دولة إسرائيل) وأنّ الأردن توجه بطلب رسمي (لإسرائيل) عام 2010 لإطلاعها على نيّة الأردن إقامة مفاعل ذري، وطلب منها تقديم المساعدات والمعلومات اللازمة لنجاح هذا المشروع!! بعكس ما يتمّ الترويج له.
نحن أمام قضية خطيرة تهم الشعب الأردني كله، ويجرى التعامل معها بطريقة الاستغفال، والترويج غير النزيه، ويجرى الضحك على ذقون الشعب الأردني من خلال الاستعانة ببعض المتنفذين، ومن خلال استخدام أساليب خادعة ومضللة، بعيدة كل البعد عن الشفافية والنزاهة المطلوبة.
إنّ أهالي الرمثا وأهالي المنطقة كلها، الذين تمّ استملاك أراضيهم الخصبة التي كانت تمثل مورداً لرزقهم ورزق عيالهم من أجل إقامة جامعة؛ يجرى الآن تحويلها لغايات أخرى بعيدة كل البعد عن الغاية الأساسية التي تمّ استيلاء الحكومة عليها من أجلها، بل أصبحت هذه الأرض مصدر تهديد لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
الأهالي يطالبون بكل وضوح بالتوقف عن إقامة هذا المشروع في أرضهم وبالقرب من الجامعة المكتظة بالطلاب، الذي يمثل تهديداً صارخاً للمواطنين، وسوف يستمرون بمعارضة هذا المشروع وإعاقة بنائه، ويقف معهم كلّ الشعب الأردني، وكما تمّت الاستجابة بنقله من مناطق (شفا بدران) أولاً، ثمّ من (الخربة السمراء) ثانياً، ينبغي الاستجابة لأهالي إقليم الشمال عامّة وأهالي الرمثا وبني عبيد ثانيا؛ لأنّ المنطقة لا تحتمل بناء مثل هذا المشروع، وعلى كل مسؤول ومتنفذ في هذا البلد أن يعمد إلى البحث عن مصادر أخرى للطاقة صديقة للبيئة، مثل الاستثمار في الطاقة الشمسية، وفي طاقة الرياح، والطاقة الحرارية المختزنة في باطن الأرض ، وهذا ميسور وسهل وممكن، وهناك جهات كثيرة مستعدة للتعاون في هذا المجال، أجنبية وعربية ومحلية، وهناك أبحاث ودراسات تشير إلى إمكانية النجاح، فضلاً عن وجود تجارب ناجحة موجودة ومعروفة.
( العرب اليوم )
