أسئلة الحكماء التي تعجز الإخوان !!

هناك قوم يتخصصون في هجاء الإخوان لا لشيء إلا لكونهم معارضة ، وهؤلاء يفعلون ذات الشيء سواءً كان المعارضون إخوانا أم شياطين أم يساريين أم ليبراليين.
هناك فئات تهجوهم (أعني الإخوان) بدوافع حزبية وأيديولوجية، وأحيانا طائفية، وهذه الفئات تفعل ذلك في أي حال، وهي أحيانا تهجوهم بحجة أنهم معارضون “مائعون”، وأحيانا لأنهم “غوغائيون”. المهم هو التنفيس عن عقدها تجاههم.
الطرف الثالث هو الطرف الذي يحاول ادعاء الحياد والليبرالية، ويريد إخفاء مغازلته للمسؤولين بخطاب يراوح في هذا الاتجاه وذاك، وهو يستخدم أساليب بالية في هجاء الإخوان عبر اتهامهم بأنهم لا يملكون برامج ولا يملكون إجابات على أسئلته العظيمة المتعلقة بالإصلاح بكل مفرداته.
هذا الفريق لا يقل بؤسا عن سواه مهما حاول تقمص دور الحكيم المحايد، والسبب أن خطابه لا يقول شيئا سوى أن على الناس القبول بالوضع القائم لأن البديل لا يملك إجابات على أسئلته “الشائكة” والمعقدة.
مشكلة هذا الفريق تكمن في تجاهله لما عليه الوضع الراهن، ويتعامل معه كما لو أنه أهون الشرور، في موقف يتعامل مع الجماهير بمنطق الوصاية والاستعلاء، لأن عليها أن تستمع إلى حكمته ومقولاته العظيمة بوصفه القارئ والمثقف الذي لا يشق له غبار.
يتهم الإخوان بأنهم لا يملكون إجابات على أي من تساؤلاته العظيمة والفريدة، لكأنهم لا يملكون بالفعل أية برامج ولم يقدموا أية مقترحات، وكل ما يملكونه هو الصراخ في الشوارع وتجييش الناس عاطفيا، على اعتبار أن الجماهير لا تعدو أن تكون جحافل من الدهماء التي يمكن لأي أحد أن يستغفلها بالخطاب العاطفي.
استعلاء مثير للاستياء دأبت بعض النخب “المتلبرلة” على ممارسته مع الناس، فيما هي غارقة حتى أذنيها في تأييد الأوضاع القائمة، ولو استمعت لها الجماهير لما تحركت، ولما انتصرت في بعض الأقطار، ولما حصلت على بعض التنازلات السياسية وغير السياسية في أقطار أخرى، ما يعني أنه حتى التجييش العاطفي له بعض الفضائل حتى لو كان فارغا من أي مضمون.
ثم إن حشر القضية المثارة (قضية الإصلاح) في الإخوان لا تعدو أن تكون لعبة تضليل بات الجميع يعرفونها، لأن الحراك الشعبي ليس حكرا على الإخوان ولا مطالب الإصلاح تخصهم وحدهم .
لنفترض أن الإخوان أو سواهم لا يملكون أية برامج، مع أنه افتراض غير حقيقي. أليس من حق الجماهير وحدها أن تحكم عليهم؟! أم أنها جماهير دهماء لا ينبغي الاستماع إليها لأن هناك حكماء عظام يمكنهم أن يسوقوها إلى ما يرونه صوابا بالسلاسل؟!
وحدها الجماهير هي من يملك الحق في الحكم على القوى السياسية، وليس من حق أحد أن ينشئ لها المحاكم، ويمارس معها سياسة الاستجواب الاستعلائي، فضلا أن يغلف ذلك بادعاء الليبرالية. كل ذلك لا يلغي حق النقد لأخطائهم، وهي موجودة دون شك، لكن التفريق بين النقد الحقيقي وبين الهجاء لمجرد الهجاء ليس صعبا على أية حال.
وصفات الإصلاح وقوانينه ومساراته ليست فيزياء نووية، إذ يعرفها الجميع بمن فيهم بسطاء الناس، لكن بعضهم يريد تشجيع التهرب منها عبر أسئلة سطحية يملك الناس الكثير من الإجابات عليها (قد لا تكون إجابات شافية بالضرورة)، وحتى لو عجزوا، فالجماهير وحدها هي صاحبة الحق في محاكمتهم عبر صناديق الاقتراع. ولا ننسى أن حكومة تعبر عن الشعب يمكنها الاستعانة بالعباقرة إياهم ليعملوا معها ما داموا يملكون القابلية للدفاع عن أي وضع قائم مهما كان!! أما الأهم فهي قدرتها على الاستعانة بأي مخلص يريد خدمة وطنه ويملك الإمكانات المتميزة.
قلنا وسنظل نقول إن المشكلة مع الإخوان لا علاقة لها بالأيديولوجيا ولا بالبرامج، بل في كونهم معارضة، ولو كان سواهم هو من يتصدر الصفوف، لما اختلف الموقف منهم، ولما كان التجييش بحقهم أقل وطأة، حتى لو كانوا من الليبراليين، فضلا عن يكونوا من تيارات فكرية وحزبية أخرى.
( الدستور )