حرب تبحث عن قشة ! !

حتى الآن فشلت قشتان على الابل في قصم ظهر السلام حتى لو كان بارداً بين دمشق وأنقرة، القشة الاولى هي قذيفة سورية سرعان ما أعقبها اعتذار كان لموسكو دور فيه لأنها تصورت ان هذا الاستدراج نحو حرب بين سورية وتركيا هو الثغرة التي سيتسرب من خلالها الناتو، والقشة الثانية رغم ثقلها هي طائرة سورية أجبرت على الهبوط في الاراضي التركية بهدف تفتيشها، مما ادى الى مزيد من التوتر بين الجارين اللدودين، ويبدو ان القشة المرشحة لقصم ظهر ما تبقى من سلام بارد هي في الطريق الى الحدود السورية التركية.
فالأزمة انتهت الى طريق مسدود ولم يعد الانفراج مدرجاً في قائمة الاحتمالات، ورغم ان بعض المراقبين لاحظوا تغيراً طفيفاً في النبرة الروسية ازاء الأزمة الا ان ما قاله السناتور ماكين عن ربيع موسكو القادم بعد دمشق أعاد الى روسيا تلك النبرة المتوترة، فبدت كما لو انها تؤجل ربيعها الموعود او على الاقل تجهضه في الطريق.
ان المراوحة على الوتيرة ذاتها في الازمة السورية لها حدود، لهذا لا بد من تحول ما، سواء جاء عن طريق صدام عسكري مع سورية يفتح للناتو باباً في الجدار الدولي أو عن أي طريق آخر.
والقول بأن هناك رائحة حرب وشيكة تفوح في المنطقة قد يكون مبالغاً، لكنه لا يخلو من الصواب، فالانتخابات الاسرائيلية قد تكون سبباً لعمليات عسكرية عدوانية على قطاع غزة ما دام التنافس محموماً بين الجنرال وغريمه في تل أبيب، والطائرة بلا طيار التي جابت سماء فلسطين والتي أعلن الامين العام لحزب الله عن هويتها المزدوجة، ايرانياً ولبنانياً هي قرينة اخرى لعدم استبعاد الانفجار، هذا بالطبع اضافة الى ما يسعى نتنياهو الى تحقيقه في قصف اهداف نووية في ايران، فقد قال بالحرف الواحد انه مستعد لتحمل أعباء هذا القرار ونتائجه محلياً ودولياً.
وهناك من يرون ان هذه الحرب اذا اندلعت هي بمثابة حرب كونية ثالثة، لكن هذا ليس دقيقاً على الاطلاق، لان هناك عدة حروب وقعت بعد الحرب العالمية الثانية بدءاً من الحرب الباردة ومروراً بحروب الخليج، لكنها لم تحمل رقماً كونياً رغم ان هناك ما يدفعنا الى الاعتقاد بأن الحرب الثالثة قد وقعت بالفعل، لكن بالتقسيط وبأسلحة من طراز آخر، أشبه بكاتم الصوت الذي يصيب الهدف بلا أية اثارة!
بالتأكيد هناك قشة سوف تفلح في قصم الظهر، لكن ليس لبعير أو ناقة، بل لحالة السلام البارد في المنطقة، فالميديا أصبحت هي الاخرى مدججة بأطروحات ايديولوجية، والفضاء دخل الى الصراع من أوسع الابواب ان كان للفضاء أبواب!
وقد تبدأ اية أزمة محلياً وفي النطاق الموضعي، لكن انفجارها لن يبقى كذلك، ولا بد لشظاياها وترددات زلزالها ان تصيب الأقارب والاباعد معاً، لهذا توجد أطراف في هذا العالم وفي الاقليم ايضاً ما تزال تراهن على حلول سياسية، وهؤلاء يرون أبعد من أنوفهم ومن جغرافيا الأزمة ذاتها، فالحرب اذا اندلعت ما من حاسوب ذكي يضبط حدودها وأبعادها وآثارها الجانبية!!
( الدستور )