إسرائيل نحو الأنتخابات .. فلسطين ما العمل ؟

غابت فلسطين ، قضيتها ومشاكلها وتطلعات شعبها ، عن إهتمامات حكومة نتنياهو ، وأحزاب اليمين الأسرائيلي ، ودوافعهم لحل البرلمان وتقديم موعد إجراء إنتخابات جديدة للكنيست المقبلة مع مطلع العام 2013 بدل نهايته .
فالأوضاع الداخلية ، الحزبية وأولويات إهتماماتها بما يتفق مع مصالح ناخبيها وإنعكاس ذلك على الموازنة السنوية ، هي المحرك الأساسي لدفع الأسرائيليين نحو قبول قرار تقديم موعد الأنتخابات ، والتكيف معه ، فالثقة بحكومة نتنياهو وتشكيلتها والقوى المشاركة فيها ، طاغية ، على ما عداها من قوى محركة أو معارضة ، فاليسار الصهيوني ضعيف ويفتقد للقيادة وقياداته التقليدية في جيب اليمين من شمعون بيريس حتى يهود براك ، وقوى السلام والتعايش معدومة التأثير في الشارع .
لقد نجحت حكومة نتنياهو في جعل العامل الفلسطيني ثانوياً ، سواء في التأثير على مكونات المجتمع الأسرائيلي ، أو على الأمن ، وبات العامل الفلسطيني هو أحد المكونات الثانوية محدودة التأثير والفعالية في الملف الداخلي الأمني والعسكري والسياسي الأسرائيلي ، مثلما نجحت في تقزيم الفعل الفلسطيني على المستوى الدولي وقد تمثل ذلك بوضوح صارخ في فشل منظمة التحرير في تمرير طلب عضوية فلسطين كعضو عامل – دولة عبر مجلس الأمن ، وعدم القدرة لحشد 9 أصوات لتكون القضية على جدول أعمال المجلس ، ولا زالت معلقة بلا فعل يُرتجى ، ونجحت أيضاً في تأجيل طلب عضوية فلسطين كعضو دولة مراقب عبر الجمعية العامة ، لخشية منظمة التحرير من عدم الحصول على الأغلبية المطلوبة وإحتمال تغيب دول صديقة عن التصويت ، وكذلك خشيتها من ردة فعل إدارة أوباما من الأصرار الفلسطيني ، ونجحت حكومة نتنياهو في رفضها إجراء مفاوضات جدية مع منظمة التحرير مقابل وقف الأستيطان ، وإستمرت في توسيع الأستيطان في الضفة وفي تهويد القدس وأسرلتها ، وعزل الغور وتحويله التدريجي من منطقة جذب فلسطينية ، إلى أداة طاردة لأهله وسكانه على طريق تهويده وأسرلته أسوة بالقدس الشريف .
حكومة نتنياهو صاحبة مبادرات هجومية لا تلين في توظيف عوامل التفوق الأسرائيلي ، والأنشغال العربي بالربيع العربي وتفرغ النظام الخليجي الثري لتمويل ثورة الشارع العربي لمواصلة إسقاط أنظمته ، وإنكفاء أميركا نحو إنتخاباتها الرئاسية والأوروبيين بأزمته المالية ، وإستثمار ذلك كله من أجل تعزيز قبضة إسرائيل على مكونات الفعل الفلسطيني وإضعافه وشل قدرته على المواجهة وفقدان المبادرة .
إسرائيل في حالة هجوم سياسي ، وفلسطين برمتها في حالة تراجع وإسترخاء ودفاع محدود مهزوز عن النفس وعن القضية ، سواء في رام الله أو في غزة ، ولا أحد أحسن من حدا .
ونجحت إسرائيل في جعل إيران هي عنوان الأهتمام الدولي ، وتغيير الأولويات ، في المنطقة العربية برمتها ، ولم تنل إسرائيل كنظام عنصري ، ودولة تحتل شعباً أخر ، وأراضي دول مجاورة بأي إهتمام معقول ، وهذا صارخ ومؤذي ومحبط .
ومع ذلك ، لا زالت إسرائيل دولة فاشلة رغم تفوقها ، وغير قادرة على إتخاذ زمام المبادرة لمعالجة مشكلة وجودها برمته ، او إستقرارها الدائم ، بغياب أي رؤى سياسية جادة ، لصراعها مع الشعب العربي الفلسطيني ، وتتعامل معه من زاوية أمنية ومعالجة متقطعة حسب الظروف والمستجدات ، وهذا جوهر ضعفها ، وسيبقى الشعب العربي الفلسطيني ، في الداخل برمته ، يحتاج لوقفة تقييم إستراتيجي للإجابة عن السؤال ما العمل ؟؟ حركة فتح بالذات ، الشخصيات الفكرية المستقلة ، فصائل اليسار من الجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب ، إلى القوى السياسية وفي طليعتها حركة المبادرة وفدا وفصائل التيار القومي ، وكل من له علاقة بالوطن ومقيم فيه ، يحتاج لوقفة تأمل ، للبحث عن إجابة للسؤال ما العمل ؟؟.