المهم كيف نحكم وليس من يحكم

تم نشره الإثنين 15 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:13 صباحاً
المهم كيف نحكم وليس من يحكم
د. رحيّل غرايبة

ليس هناك مناص من ضرورة التوصل إلى اتفاق جمعي شعبي يضم القوى السياسية والمكونات الاجتماعية كلها ، على تغيير طريقة إدارة الدولة ومنهجية الحكم التي تعتمد حصراً على الاختيار الحر من مجموع الناخبين، بحيث ينبغي التحاكم إلى صناديق الاقتراع في كل دورة انتخابية، من دون الالتفات إلى من يحكم ومن دون خوض في الأشخاص، إذا كانوا يتمتعون بالحق الشرعي بالترشيح، والحق الدستوري في المشاركة في إدارة شؤون بلادهم، بغض النظر عما يحملون من أفكار، وبغض النظر عن أعراقهم والوانهم، إذا حازوا على ثقة الغالبية من الهيئة الانتخابية.


 إن الذهاب إلى شخصنة الأمور، وتوجيه وسائل الإعلام للتركيز على الاختلاف الفكري والسياسي مع الفائز عبر صناديق الاقتراع، واعتماد منهج التحريض والتعبئة وإشاعة الفوضى وزعزعة الاستقرار، من أجل إفشال الفائزين بطريقة ديموقراطية، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه القوى لا تنتسب إلى مجتمع الحرية ولا تؤمن بالاختيار الشعبي طريقاً في الحكم والإدارة، وتعمد إلى التحالف مع قوى الاستبداد والفساد، تحت ستار إعلان العداء للقوى الإسلاميّة، وتحت ستار البحث عن الذرائع والمبررات لوأد التجربة الديموقراطية الغضة، والعودة إلى الخلف والإصرار على استمرار الحكم الفردي المطلق.


 أسمع كثيراً من بعض الناشطين في المجال السياسي والحزبي عبارات تعبّر عن رفضهم لوصول الاسلاميين إلى مواقع السلطة كنتيجة من نتائج ثورة الربيع العربي، مثل: لن نكون وقوداً في معركة سوف تأتي بالإسلاميين إلى السلطة! وبعضهم يقول: إذا كان التخيير بين الاسلاميين وبين الأنظمة العربية القائمة، فأنا أختار الأنظمة العربية القائمة، وبعضهم يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يقول نار الأنظمة الموجودة، ولا جنة الإسلاميين..!! وغير ذلك من الفاظ وعبارات.


 لسنا الآن بصدد مناقشة هذه القوى حول رضاها عن الاسلاميين أو عدمه، ولكننا بصدد التفاهم الضروري حول طريقة الاختيار، ومنهجية الحكم وإدارة الدولة، إذ لا مناص أمام المختلفين إلاّ التوافق على مرجعية التحاكم إلى صناديق الاقتراع، في ظل عدم القدرة على نفي الاختلاف الفكري والسياسي، لأن الاختلاف من طبائع البشر ولا يمكن أن ينتهي الخلاف ولا يمكن الوصول في لحظة من اللحظات إلى ايجاد مجتمع لا يحوي اختلافاً فكريّاً أو سياسياً، فالله عز وجل خلق الناس مختلفين، وسوف يبقوا مختلفين إلى يوم القيامة، ويقع التحدي هنا بضرورة الوصول إلى التعامل مع الاختلاف الموجود والتكيف الطوعي مع بقائه واستمراره، من أجل تحويل هذا الاختلاف إلى مورد من موارد التطوير والتحسين وانفتاح وسائل الحكم وأساليب إدارة الشأن العام عبر نظام مستقر يحقق العدالة بين أفراد المجتمع ومكوناته الاجتماعية وقواه السياسية جميعها.


 لقد استطاعت بعض الأنظمة المتسلطة أن تستثمر في بعض القوى السياسية والحزبية المعادية للإسلاميين، من أجل افشال حركات التغيير وثورة الإصلاح، وجعلت من الاسلاميين فزّاعة لإعاقة التقدم نحو الديموقراطية، واستثمرت في قدراتهم البلاغيّة ومهاراتهم الاعلاميّة في التشويه والهجاء والبحث عن المثالب، وتكبير الأخطاء وتعظيم السلبيات.


 نحن بحاجة إلى ميثاق وطني ينظم طريقتنا في التعامل مع اختلافاتنا، كما استطاعت الشعوب الأخرى تجاوز هذا الاختلاف وتجاوز عقبة التشتت والفرقة عبر نظام يحترم رأي الأغلبية ولا يفرّط بحقوق الأقليّة، وينبغي أن تتعالى فرق الاختلاف من أجل المصلحة العليا للوطن، والمصلحة العليا للشعب، بطريقة حضارية راقية تعتمد منهج التداول للسلطة، بعيداً عن العنف، والإقصاء ونفي الآخر .
 
( العرب اليوم ) 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات