المورد البشري أعظم الموارد

سوف يبقى المورد البشري أعظم موارد الدولة - أية دولة ـ وسوف يبقى الاستثمار في الانسان أفضل عامل من عوامل التنمية وأقوى وسيلة من وسائل تعظيم الانجازات المادية والمعنوية، مما يعطي المجتمعات العربية فرصة كبيرة للنهوض، واختصار الزمن، وتحقيق نقلة هائلة من أجل اللحاق بالمجتمعات البشرية المتقدمة، وذلك بفضل نسبة الشباب الأكبر، مما يجعل المجتمعات العربية مجتمعات فتية، وأكثر قدرة على زيادة ساعات العمل، وأكثر قدرة على العطاء، وأكثر قدرة على الابداع والابتكار.
هناك دراسة فرنسية تفيد أن نسبة الطلاب الذين حصلوا على شهادة "البكالوريوس" الجامعية من أصول مغتربة ومعظمهم من أصول مغربية أكبر بكثير من نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية من أصول فرنسية، رغم أن نسبة الفقر في الجاليات العربية أضعاف نسبة الفقر في أوساط الأصول الفرنسية، وتقول الدراسة أن الغالبية من السكان المجنسين بالجنسية الفرنسية من أصول شرقية لا يستطيعون أن يقدموا مساعدة كافية لأبنائهم من أجل اكمال دراستهم الجامعية، مما يعطي دلالة واضحة على حيوية المجتمعات العربية حتى في الاغتراب، وفي ظل أوضاع غير طبيعية، مما يجعلنا نصل إلى نتيجة في غاية الأهمية مفادها أن المجتمعات العربية تختزن قدرة فائقة على النمو، وقدرة فائقة على التطور واختصار الزمن، إذا توافرت القيادة المنتمية الفاعلة التي تحمل هم أوطانها وشعوبها، وتعمل على رفعة بلدانها، وتخلو من الفساد وتخلو من الترهل والتبعية المقيتة.
إن المصيبة الخطيرة تكمن في الاستبداد المتحالف مع الفساد الذي أصبح سمة ملازمة للنظام العربي، والذي أسهم اسهاماً كبيراً في صناعة التخلف وإدامة العجز، وتشويه بنية الانسان العربي مما جعل المجتمعات العربية في ذيل قافلة البشرية من حيث التقدم والرفاه والنمو والازدهار، وجعلها تعاني من مشكلات مزمنة على الصعيد السياسي والاقتصادي والعلمي، وحوّل جموع الشباب إلى جيش يعاني البطالة وقلة الفاعلية وعقم الإدارة.
إن اطلاق الحريات، في ظل ارساء معالم الحكم الرشيد هو المدخل الاصلاحي السليم، الذي يجعل الشعب صاحب السلطة الكاملة والسيادة الشاملة التي تجعله قادراً على اختيار رؤساء الحكومات وقادراً على محاسبتهم ومراقبتهم واستبدالهم عندما يعجزون عن تحقيق برامجهم السياسية التي اعلنوا التزامهم بها من أجل إدارة شؤون الدولة، وحل مشاكل الشعوب، والنهوض بالاقتصاد، وتعزيز قيم الإنتاج، والتخلص من ربقة الديون والتحرر من التبعية للأجنبي.
إن الشعوب العربية المقهورة، المسلوبة الإرادة، المجردّة من حقها في إدارة شؤونها واختيار حكامها، سوف تبقى عاجزة ومتخلفة وفقيرة، وسوف تبقى مشلولة وفاشلة على صعيد القوة الذاتية، فضلاً عن عجزها وفشلها في مواجهة العدو الخارجي؛ مهما كانت قوة الخطاب وبلاغة الالفاظ في الحديث عن المقاومة والممانعة، والإسهاب في شتم الاستعمار والإمبريالية، والصهيونية والقوى الرجعية.
(العرب اليوم )