«العيش الكريم» دعونا نتوافق على مناقشته!

تم نشره الثلاثاء 16 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:35 صباحاً
«العيش الكريم» دعونا نتوافق على مناقشته!
حسين الرواشدة


وسط الجدل السياسي المحتدم حول «آفاق» الإصلاح، و وداع حكومة واستقبال أخرى، والتجهيز للانتخابات بعد أن أُُغلقت ابواب «التسجيل»، أستأذن المسؤولين بالتذكير ببعض القضايا والهموم الاساسية التي تشغل أغلبية المواطنين في بلادنا.

احدى هذه القضايا وأهمها «العيش الكريم»، وقد تبدو هذه المشكلة للمسؤول الذي يعتمد على «الأرقام» الصماء، سواءً تعلقت بمعدلات البطالة أو الفقر، بسيطة وفي اطار التوقعات، لكنها غير ذلك تماماً، ولو قدر لأحدنا ان يخرج من عمان الى الأطراف البعيدة ويتفحص في أحوال الناس لرأى بعينيه مشاهد «مؤلمة» لأسر لا تجد ما يكفيها من طعام او من دخل للانفاق على مستلزمات الحياة الضرورية، بل ان بعض الذين كانوا محسوبين على الطبقة «الوسطى» والمستورة وجدوا أنفسهم في عداد «الطبقة» الفقيرة. بعد ان تآكلت دخولهم، وتوسعت دوائر انفاقهم على تعليم أولادهم في الجامعات وعلى تلبية المتطلبات الأساسية لأبنائهم.

اذا وقعنا اكثر في مشكلة «العيش الكريم» سنكتشف أن ثمة ارتباطاً بين الرضا والكرامة، او بين الشعور بالاكتفاء والاحساس باحترام الذات، كما سنكتشف بأن المسألة لا تتعلق فقط «بالفقر» الذي كان فيما مضى مقبولاً بدافع «القدرية» والعصامية، انما تتعلق باتساع الفجوة بين الطبقتين: طبقة الاثرياء التي تمثلها الاقلية، وطبقة الفقراء التي اتسعت لتشمل الأغلبية، وتتعلق بتفاوت الأجور والرواتب مع غياب معايير العدالة والكفاءة وانتشار المحسوبية، كما تتعلق بالاحساس العام لدى هؤلاء بشيوع ممارسات الفساد، وانتشار ثقافة النهب وقيم «الشطارة» التي مكنت البعض من الاثراء على حساب الآخرين ومن جيوبهم.

اذا اضفنا ما يشعر به اغلبية «المهمشين» من رغبة بإعادة الاعتبار لهم، باعتبارهم ضحايا لتراكمات من الأخطاء والتقصير «السياسي»، ومن ارادة على تغيير اوضاعهم وتصحيح المعادلات التي اوصلتهم الى هذه النتيجة، ورفع «المظلومية» التي يعانون منها، فإن أمامنا فرصة لفهم «حالة» مجتمعنا واسباب احتجاجاته وخروجه للشارع على مدى عامين، صحيح ان للمطالب السياسية حضوراً لافتاً في الشارع، وصحيح ان «صوت الناخب» يبدو أعلى من «الين» للناس، لكن الصحيح ايضاً ان وراء كل ما نراه، وما نخشاه ايضاً، أزمة «معيشية» واقتصادية تزامنت مع «انغلاق» لأبواب الحوار، واستمرار باعتماد منطق «الانكار» ومحاولات «لاستفزاز» وجع الناس، وهذه كلها ولدت لدى المواطن حالة من اليأس والرغبة في الانتقام من انفسهم احيانا ومن الاخرين ايضا. الخطر الذي يواجهنا اليوم لا يتعلق «بالاشتباكات» السياسية بين النخب سواءً أكانت في موقع القرار او المعارضة، ولا «بالرياح» الساخنة التي تهب علينا من الخارج، انما يتعلق بافتقاد المواطن القدرة على توفير «العيش الكريم» لمن يتحمل مسؤوليتهم، واحساسه بغياب «العدالة» وبالتهميش واستنزاف ما يأتيه من دخل اكثر واكثر.

الآن، امام الحكومة مقررات جاهزة لرفع «الدعم» وتغيير آلياته، واعتقد ان تمريرها يحتاج الى وقفة طويلة، ولو كان بمقدوري ان اقدم للرئيس الجديد نصيحة لقلت له: قبل ان تصدر هذه القرارات ارجوك خصص اسبوعاً كاملا لزيارة كل المحافظات وتعمد ان تذهب بلا «ترتيبات» ثم دقق في احوال الناس واستمع الى معاناتهم.. وبعدها قرر ما تشاء.

أعرف ان «المشكلة» الاقتصادية معقدة، وان ثمة مديونية وعجزا في الموازنة وانقطاعا للمساعدات الخارجية الموعدة، ومخاوف مشروعة من «ازمة» يصعب السيطرة عليها، لكن ذلك كله لا يمنع، بل يستدعي التفكير جدياً في «معيشة» المواطن باعتبارها «خطا أحمر» لا يجوز تجاوزه ابداً.

( الدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات