«ثلاثة وجوه» لوسام الحسن

تم نشره الأحد 21st تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 05:30 مساءً
«ثلاثة وجوه» لوسام الحسن
عريب الرنتاوي

للعميد وسام الحسن، رئيس جهاز الأمن والمعلومات، الذي قضى اغتيالاً في تفجير الأشرفية في بيروت، وجوهٌ ثلاثة، ولا يمكن التفكير في “لائحة المتهمين المُحتملين” في الجريمة، من دون عرضها واستعراضها...الوجه الأول، ويتجلى في انتمائه لتيار المستقبل الذي يقوده سعد الدين الحريري، وانضوائه النشط في حلف “الاعتدال العربي”، ومناهضته الأكثر نشاطاً لتيار “8 آذار” وحزب الله والنظام السوري وإيران...وقد توّج هذا النشاط في إلقائه القبض على أبرز الوجوه السياسية الداعمة للنظام السوري في لبنان: الوزير الأسبق ميشيل سماحة، كما ويُشاع عن الرجل قيامه بدور نشط في “إعادة توجيه الحركة السلفية” ضد النظام السوري، وإمداده المعارضة السورية المسلحة بالمال والسلاح والرجال.

الوجه الثاني، ويتمثل في نجاحه والجهاز الذي يديره (يعد حصة تيار المستقبل في المنظومة الأمنية اللبنانية الرسمية)، في تفكيك أزيد من ثلاثين خلية تجسس إسرائيلية، خلال الأعوام 2009 – 2010...الأمر الذي منح الجهاز صدقية ورضا غير مسبوقين، وأثار ارتياح “حزب الله” بعض الوقت، قبل أن تخرج بعض الآراء التي تتحدث عن الأمر بمجمله، بوصفه “لعبة لتلميع صورة الجهاز وتبييض صورة رئيسه” تحضيراً لمهام لاحقة، ذات صلة بالمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريري، وهنا لا يكتمل هذا الوجه من الصورة، من دون الإشارة إلى دور “الحسن” الرئيس في ملف الحريري والمحكمة الدولية، وهو دور وصفه خصومه بالقاسي والاستهدافي.

الوجه الثالث للرجل الذي كان من المتوقع له أن يتولى رئاسة قوى الأمن الداخلي بمجملها، وليس “فرع الأمن والمعلومات” فيها فحسب، فيترسم من خلال حملات التعقب والملاحقة التي شنها ضد خلايا السلفية الجهادية والتنظيمات الأصولية المحسوبة على القاعدة، فقد عرف الرجل والجهاز، بامتلاكهما أدوات ووسائل مالية وتكنولوجية وبشرية، لا تتوفر لغيرهم، ولقد استخدموها بكفاءة حيثما أرادا وكيفما أرادا ووقتما أرادا.

بالعودة لهذه الوجوه والأدوار المتعددة، يمكن تحديد قائمة “المُتهمين المًحتملين” في جريمة اغتيال وسام الحسن، وهي تكاد تنحصر في ثلاثة: النظام السوري، منفرداً أو بالتنسيق مع بعض حلفائه في لبنان...إسرائيل مباشرة (الموساد) أو عبر خلاياها النائمة أو بالوسيلتين معاً....القاعدة أو أي من “تفريعاتها” جرياً على عادة هذا التنظيم الذي لا يسقط “ثاراته” مهما تقادم عليها الزمن..وبهذا المعنى، فإن الجدل المحلي اللبناني حول جريمة اغتيال الحسن، يكاد يكون نسخة طبق الأصل، عمّا سبقه في حالات مماثلة.

في لبنان، تكاد تقرأ خريطة المواقف وردات الفعل والاتهامات على أي حدث، قبل وقوعه، والحال لم يكن مغايراً عند اغتيال وسام الحسن...فريق سارع لاتهام “بشار حافظ الأسد” وحلفائه وأعوانه، من دون أن يساوره شك في ذلك، باعتبار أن الأسد وعد بحريق في الإقليم إن ظل الحريق مشتعلاً في بلاده، وأنه وهو “المأزوم”، يسعى في تصدير أزمته إلى لبنان، الحلقة الأضعف في دول جوار سوريا...فريق ثانٍ قفز إلى اتهام إسرائيل وعملائها، باعتبارها صاحبة المصلحة الوحيدة في إشاعة الفوضى والخراب والفتنة في لبنان...وفريق ثالث، آثر الدعوة للتريث في إطلاق الاتهامات وانتظار نتائج التحقيق وعدم الانزلاق إلى “التوظيف السياسي” للجريمة البشعة، لكأنه بذلك يتهم الفريقين، الأول والثاني، بالسعي لتوظيف دماء الضحايا، خدمة لأغراض سياسية محلية، أنانية وضيقة، لكن مشكلة هذا الفريق، أنه لا يستطيع أن يقنع لبنانيا واحدا، بأن التحقيق سيكشف عن الجناة، أو أنه سيصل إلى مبتغاه...هذا لم يحدث في عشرات الجرائم المماثلة السابقة، وليست هناك ضمانة من أي نوع، بأنه سيحدث في جريمة اغتيال رئيس “الأمن والمعلومات”

أياً يكن من أمر، فإن لبنان بعد “تفجير” الأشرفية، لن يظل كما كان قبله، فالاحتقان المذهبي يلامس ضفاف الانفجار، والأزمة السورية بدأت “تتفجر” في شوارعه وتطيح بسلمه الأهلي، وأسوأ ما في كوابيس اللبنانيين من “هواجس” و”أشباح” ومخاوف، بات يتجسد الآن على أرضهم وشوارعهم وخنادقهم.

ولا ندري كيف ستنعكس “جريمة الأشرفية” على الأزمة السورية الممتدة منذ أكثر من تسعة عشر شهراً..هل سيتجه “المجتمع الدولي” لمعاقبة نظام الرئيس الأسد على هذه الجريمة، سواء أكان هو من فعلها أم لا...أو أن الخشية من حريق إقليمي، “يأكل الأخضر واليابس” على حد تعبير الموفد الأممي، سوف تفضي إلى حث الخطى بحثا عن حل سياسي “احتوائي” للأزمة السورية، بدءاً بهدنة عيد الأضحى التي اقترحها الإبراهيمي، ولقيت قبولاً إقليمياً ودولياً واسعين.
( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات