رسائل دولة الرئيس

هل عبارة "سياسة الدعم لا يمكن أن تستمر" تعني بالضرورة رفع الأسعار؟
رسائل عديدة طيرها رئيس الوزراء د. عبدالله النسور في جميع الاتجاهات وعلى عدة مستويات في أول إطلالة له من على شاشة التلفزيون الاردني، الرئيس كان طليق اللسان لم تعُزه الحجة في التعبير عن آرائه، وإيصال فكرته للمسؤول قبل المواطن، مرة بشكل مباشر وأخرى "مواربة".
فقد كانت الرسالة الأولى موجهة إلى عنوان كبير بحجم الشعب الأردني، ومفادها أن الحالة الاقتصادية والمالية للدولة لم تعد تسر أحدا بل أصبحت مقلقة لدرجة اعتراف الحكومة بأن العجز في الميزان التجاري قد وصل إلى 70% من الدخل القومي وهي نسبة تتخطى الخطوط الحمر بنسبة الكلام يعطي مقدمات لا بد ان تفضي الى نتائج تقود الى رفع الاسعار الكلام يعطي مقدمات لا بد ان تفضي الى نتائج تقود الى رفع الاسعار 10% وهي نسبة لا تسمح بها القوانين الأردنية.
لا أعتقد أن "أبا زهير" قصد تخويف الشعب الأردني من كلامه وهو الرجل المعروف بأنه لا يطلق الكلام جزافا بل سيبني عليه في قابل الأيام، وربط غاية الحكومة بخدمة المواطن الأردني عبر المحافظة على سعر صرف الدينار وعدم ضعف قدرة المواطن الشرائية.
وهنا نعود الى مربط الفرس، والقضية التي أفسدت على الحكومة السابقة خططها و"سوّدت عيشتها" وتلخصت في رفعها أسعار المحروقات مرتين خلال ثلاثة أشهر، فهل هذه الحكومة تنوي اتباع الاسلوب نفسه؟ هل عبارة "سياسة الدعم لا يمكن أن تستمر" تعني بالضرورة رفع الأسعار؟
إن كلام الرئيس واضح ويعطي مقدمات لا بد أن تُفضي إلى نتائج تقود إلى إزالة الدعم ورفع الأسعار، الكل يجزم بأن المشكلة الاقتصادية للدولة والمواطن هي الأهم، لكن الاختلاف على أسلوب المعالجة، هل تعود الحكومة إلى العبث بجيوب المواطنين؟ هل جيوب الاردنيين قادرة على تلبية طلبات الحكومة؟ هل الظروف السياسية مواتية لمثل تلك الإجرءات؟.
أعتقد أن المرحلة باتت في غاية الحساسية لدى الدولة والمواطن وهناك سباق محموم لإنجاح العملية الانتخابية بعد أن شهدنا تصعيدا من "المقاطعين" الذين أذهلهم نجاح عملية التسجيل للانتخابات، ووجدوا أنفسهم خارج المعادلة السياسية وهم يحاولون التغطية على "تهورهم" بالعمل على إفساد الأجواء والتشكيك بنزاهة الانتخابات قبل بدئها.
وهنا يأتي دور الدولة في تهدئة الأجواء عبر عدم اللجوء إلى إجراءات اقتصادية تثير غضب الشارع ريثما تُجرى الانتخابات على الأقل، لا بل على الدولة أن تسعى إلى التهدئة والإفراج عن موقوفي الحراكات الشعبية أو استصدار عفو خاص عنهم قبيل عطلة العيد.
أما رسائل النسور الأخرى فقد طارت باتجاه الرأي العام والدولة، لتؤكد أن رئيس الوزراء هو الرجل الأول الذي يدير دفة السلطة التنفيذية التي كلفه بمهمتها جلالة الملك، ويسيطر على "الولاية العامة"، وهنا سمعناه يقول: "أنا الذي أقود هذه الحكومة بأجهزتها كافة، مدنية وعسكرية".
ولم يبخل د. النسور بكلمات هادئة دافئة بحق جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الحراكات الشعبية، فاعتبر الأولى "من لوازم الديمقراطية" وقال في الحراكات: إن نشاطها "لا يعتبر خرقا للقانون" وهذا كلام جميل بحاجة إلى مد خيوط أكثر مع الطرفين، لا سيما الحراكات الشعبية من أجل بناء توافق وطني جديد حول أسلوب العمل والتعبير في الشارع ما دامت الأطراف جميعها لا تريد إلا إصلاح النظام ولا أحد يريد الفوضى، بل يهمه الاستقرار والهدوء في البلد.
إن حركة الحكومات في الأيام والأسابيع المقبلة ستقاس من جانب الرأي العام بمقياس الذهب، بما لا يتخطى قدرة المواطن على التحمل اقتصاديا، ولا سيما وأن المواطن "يتعشم" خيرا في دولة الرئيس القادم من جناح المعارضة للحكومات الأربع السابقات.
( العرب اليوم )