الكويت «شكل تاني»

تم نشره الأحد 21st تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 05:40 مساءً
الكويت «شكل تاني»
جهاد الخازن

الديموقراطية هي «صوت واحد لرجل واحد» (أو إمرأة). الاميركي حيث أقمت ينتخب عضواً واحداً في مجلس الشيوخ أو النواب، ومحافظاً واحداً في الولاية حيث يقيم. وفي بريطانيا حيث أقيم ينتخب المواطن عضواً واحداً في مجلس العموم (النواب)، وبريطانيا تفخر ببرلمان عريق لقبه «أم البرلمانات». والصوت الواحد هو الحال في معظم الدول الغربية الديموقراطية فعلاً.
 
الكويت «شكل تاني»، وفي انتخابات 2012 كان الكويتي يستطيع أن ينتخب أربع مرات ليصبح عدد الناخبين الكويتيين حوالى 1.6 مليون بدل 400 ألف أو أقل.
 
كان من نتيجة إدلاء الناخب بأربعة أصوات بدل واحد أن جماعات ولاؤها الوحيد لمصالحها الخاصة تبادلت الأصوات في الدوائر الخمس، على طريقة «حكّلي ظهري لأحكّلك ظهرك»، وانتهت بغالبية لا تمثل الشعب الكويتي.
 
الغالبية المُعطِّلة، أو المخلوعون المؤزّمون في الكويت، تحارب الآن ليبقى نظام الدوائر الخمس الذي أثبتت التجربة فشله في محاربة الرشوة والقبلية والطائفية. وهي تتعامل مع هذا النظام كأنه وحيٌ منزَّل، مع أن النظام الذي سبقه قام على 25 دائرة وصوتين لا أربعة.
 
أصرّ مرة أخرى على «صوت واحد لرجل واحد»، فهذا ما تعلمناه في الجامعة وما مارسناه في الغرب الديموقراطي، غير أن الكويت للكويتيين وليست لي، وهم أحرار أن يختاروا ما يريدون، مع أنني أتوقع إلغاء نظام الدوائر الخمس الذي أظهر أن هناك قطاعاً (أو قطيعاً) لا يعرف الوطن والمواطنة، وإنما ولاؤه لنفسه فقط، على حساب أهل الكويت جميعاً.
 
أكتب لكل القراء بالعربية، وللذين يقرأون المقال مترجماً الى الانكليزية، لذلك أسجل أشياء يعرفها الكويتيون، فالمحكمة الدستورية لم تُلغِ برلمان 2012 وإنما قالت إن الحكومة التي أجرته غير دستورية، وهو بالتالي غير دستوري، وانتهى بالحل.
 
«مرسوم الضرورة» قادر على أن يصلح الأمور، والبرلمان القادم يستطيع أن يلغيه، ومع ذلك هناك حملة تحريضية طائفية عليه تخلو من أي قيم أو انضباط، والنتيجة أن كويتيين آخرين ردّوا بحملات من عندهم، خصوصاً في مجال الدفاع عن أمير البلاد وموقعه، ورأيت شعار «تماديتم... إلا الأمير»، وغيره.
 
ثم أسمع مَنْ يقول إن لا ضرورة لإصدار «مرسوم الضرورة». وهل هناك ضرورة أكبر من حماية البلد من الذين يسعون لتخريب الديموقراطية الكويتية بحجة الدفاع عنها؟
 
بصراحة، أجد الوضع السياسي الكويتي محيِّراً، فعندما احتُلت الكويت لم يجد صدام حسين كويتياً واحداً يؤيده، وإنما التفّ الكويتيون تحت الاحتلال، وفي أراضي لجوئهم الموقت، حول الأمير حتى عادت الكويت الى أهلها، بلداً ديموقراطياً ينعم بمساحة كيبرة من الديموقراطية، وقد سقط صدام ولا أحد يهدد حدوده، وهناك دخل نفطي عالٍ وكافٍ.
 
في هذا الجو الذي لا يحلم بنصفه أو ربعه أي بلد عربي آخر، كان يُفترض أن يستيقظ الكويتي في الصباح ويشكر الله على نعمه، غير أن أقلية تكاد تخرّب البلد، أي تفعل ما عجز صدام عن فعله.
 
الكويتيون ليسوا كذلك، وغالبيتهم العظمى تريد العيش في بلد ديموقراطي لكل أهله.
 
الأسرة الحاكمة يجب أن تتحمل أيضاً قسطها من المسؤولية، فقد حدث ارتباك كان بداية الأحداث اللاحقة، وبعد رحيل الشيخ جابر الأحمد الصباح كان يُفترض أن يخلفه ولي عهده الشيخ سعد العبدالله الصباح، إلا أنه كان دخل مرحلة المرض الأخيرة وتوفي بعد ذلك بقليل، فأصبح الشيخ صباح الأحمد الصباح أميراً، من دون أن يمر بولاية العهد كما في كل انتقال سابق للحكم. ولعل الخلافات التي تبعت تلك السابقة لا تزال باقية، ومن مصلحة الأسرة التكاتف كسابق عهدها، ومن مصلحة كل مواطن الالتفاف حول أسرة الحكم التي جعلت الكويت الديموقراطية الوحيدة في محيطها.
 
يشجعني على هذا الكلام أنني طرف محب من الخارج، أعرف الأمير والسياسة الكويتية عن كثب على امتداد عقود، ولا مصلحة شخصية لي مع أحد، فأدّعي الموضوعية.

( الحياة اللندنية )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات