شكرًا للمخابرات

الأمن الوطني .. مشروع حياة أو موت لا يمكن تأجيله أو التساهل فيه .
شكرًا لنشامى دائرة المخابرات العامة على جهودهم في إحباط المخطط الإرهابي الذي كان يستهدف الأمن الأردني، شكرًا لهم، لأن يقظتهم وسهرهم أعادا لنا الثقة بالدولة وأجهزتها. فنعمة الأمن والاستقرار لا يعرفها إلاّ من اكتوى بنيران الحروب والنزاعات الداخلية التي أضاعت شعوبًا ودولاً .
اللحظة التاريخية في الإقليم خطرة جِدًا، ورؤوس كثيرة باتت مطلوبة ، كما الأوطان أصبحت مستباحة . فهناك من يُخطط بدهاء وهناك من يتآمر وهناك من ينفذ،لكن المهم ان نكون بكامل وعينا ولياقتنا الأمنية، فالحصانة للنظم السياسية لا تتأتى إلاّ من شعوبها ودعم من جيوشها وأجهزتها الأمنية، التي تراقب وتتدخل عند الخطر.
إن الأمن الوطني، مشروع حياة أو موت، لا يمكن تأجيله ولا يمكن التساهل فيه، لأن غول الإرهاب قد يأكل الأخضر واليابس، ويجر الناس إلى "مغارته المسحورة" من دون أن ينتبه المتحمسون للفوضى إلى مواطئ أقدامهم التي قد تنزلق في لحظة إلى هوة عميقة لا يمكن الخروج منها.
لا يمكن المفاضلة بين الأمن والديمقراطية، فكلاهما مهم وكلاهما مرتبط بالآخر، فالأمن والاستقرار ينتجان مناخ الديمقراطية الحقيقية ويقودان إليها، وعلى العكس منهما؛ الفوضى لا يمكن ان تقود إلى الديمقراطية أو التحديث.
ويمكن أن نتجاسر ونقول إن مشروع الانتقال إلى الديمقراطية والاصلاح يمكن تأجيله كأي مشروع استثماري إلى حين توفر الجدوى الاقتصادية من إقامته والقدرة على إدامته، لا بل إنه يعتقد أن لا مشكلة مع بقاء "التصرفات المخالفة للديمقراطية وحقوق الإنسان" إذا ما توفر عنصر الأمن والأمان للمواطن.
والمواطن الأردني، إذا كان يعتز بشيء فهو اعتزازه غير المحدود بالأجهزه الأمنية التي وفرت له الأمن والاستقرار، فغدا بلده وبيته واحة أمن ومثالا في المنطقة، قد يجوع الأردني، وقد لا يجد قوت عياله، لكنه لن ينسى فضل الأمن والأمان على نفسيته وسكينته.
والتجارب كثيرة، تمتد من لبنان ، البلد النموذج الذي سعى العرب إلى تقليده، لكن ابناءه "كفروا بجنتهم" فتحولت الأحزاب إلى طوائف والأفراد إلى مليشيات. وفي العراق تَحوّل "التحرير" إلى تفجير البلد والمنطقة بأسرها وانهيار النظام العربي، وبالتالي دخول الجيوش الأجنبية التي أيقظت مصالح جيران العراق ومطامحهم إلى أن تحول الاحتلال إلى صراع داخلي فكك البلد وقسمها إلى طوائف وحارات. وفي فلسطين حول "الأخوة الأعداء" قضية العرب المقدسة ونضالهم ضد الاحتلال إلى صراع على السلطة وتسديد فواتير قوى اقليمية واصبح الثوار وسطاء للتهدئة مع الاحتلال.
فالديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان، شروط أساسية لقيام الدول واستمرارها لأنها تجلب الاستقرار للنظم السياسية والسعادة للناس ، لكن ذلك لا يُجدي نفعا مع غياب الأمن الذي يتهاوى اذا لم يعرف الأفراد والمجموعات أهمية الأمن الذي لا ينفصل عن الحزم والعدل والمساواة والمحاسبة والشفافية.
( العرب اليوم )