الدينار والأسعار وتهديدات محتملة

تم نشره الثلاثاء 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 05:37 مساءً
الدينار والأسعار وتهديدات محتملة
حسن احمد الشوبكي

ثمة من اعتبره كلاما متسرعا، وآخرون قالوا عنه "صراحة" تستحقها اللحظة الراهنة. وفي تقديري أن ما قاله رئيس الوزراء، عبدالله النسور، بشأن سعر صرف الدينار والتأثيرات اللاحقة إذا لم يتم رفع الدعم عن الأسعار، يقع في سياق إشاعة المخاوف.


إذ ما يزال الدينار وعاء جاذبا للادخار، كما تؤكد ذلك بيانات البنك المركزي والودائع بالدينار مقارنة بالعملات الأجنبية. والخبر السار أن "الدينرة" بقيت مستمرة في مقابل ثبات منحنى "الدولرة" (تحويل الودائع من دينار إلى دولار) عند مستوياته غير المقلقة. لكن تصريحات كتلك التي أطلقها الرئيس كادت تتسبب بخسارات اقتصادية تضاف إلى إشكاليات المديونية والتضخم وعجز الموازنة وتراجع الاحتياطي الأجنبي وغيرها.


غير أن ما سبق لا يلغي وجود مخاوف لدى فئات بعينها. والمطلوب من محافظ البنك المركزي إطلاع الرأي العام على تفاصيل (وهواجس) ما ذهب إليه رئيس الوزراء بشكل علمي، إضافة إلى تطمين المودعين والمستثمرين وجمهور المستهلكين إلى أن بيانات الاحتياطي الأجنبي مطمئنة نسبيا بفعل عوامل كثيرة، ليس أقلها زيادة الدخل السياحي في الشهرين الأخيرين، وتحسن مستوى حوالات المغتربين؛ وفي الانتظار حصيلة القرض الدولي التي ستعزز، حال وصولها، قوة الدينار والاقتصاد.


ثمة مقارنة بين تصريحات متضاربة لرئيسي وزراء خلال بضعة أسابيع؛ إذ أعاد رئيس الوزراء السابق فايز الطراونة التأكيد على قوة الدينار وجاذبيته، ولم تصمد تلك التطمينات طويلا عندما وضع رئيس الوزراء عبدالله النسور رفع الأسعار في مواجهة تخفيض سعر صرف الدينار، وكأنهما دواء يجب أن يتجرع الأردنيون أحدهما، وكلاهما مر.


نظريا، يسعى رئيس الوزراء -كما صرح بذلك- إلى الحفاظ على سعر صرف الدينار، وعدم إضعاف القدرة الشرائية للأردنيين. لكن البيئة المحيطة تشهد ضغوطات التضخم وانفلات الأسعار وزيادة أعباء المعيشة، وسعر الصرف هو آخر حلقات الأداء الاقتصادي، بحيث يدعم قوة العملة أو يضعفها. والمسألة أشبه ما تكون بالسبب والنتيجة، والمدخلات والمخرجات والعكس صحيح. بعيدا عن التصريحات المحلية لسعر الصرف، فإن الجهات الدولية المانحة لا يمكن أن تسمح بتخفيض سعر صرف الدينار، لأن التخفيض في العادة يخدم الصادرات، وفي ظل غياب المواد الخام أو الأولية لدى الأردن، فإن تخفيض سعر الصرف لن يؤتي أكله. وعلى رأس التهديدات التي تحيط بالاقتصاد المديونية التي بلغت مؤخرا نحو 70 % من الناتج المحلي الإجمالي، وسيكون الغلاء الناجم عن أسباب داخلية وأخرى خارجية، قبل نهاية العام، سببا في التوقف عند عنق الزجاجة وسط غياب الاستراتيجيات لإحداث الفرق في مسار الاقتصاد المتعثر.
وجملة القول أن الخيارات ضيقة أمام الاقتصاد الذي قيده المسؤولون وأصحاب الطرائق الفاشلة في إدارة الدولة، وأن المواطن أو المستهلك وحده سيدفع ثمن أي قرارات ذات صلة برفع الدعم عن الأسعار والمحروقات، طبقا لما حدث في تجارب سابقة وذاق الأردنيون مرارتها.


أما الحتمية التي يتحدث عنها وزراء ومسؤولون بخصوص رفع الأسعار، وأن لا مناص من التهرب من هكذا استحقاق، فإن الأدوات التي تقابلها وتسعى الحكومة إلى اتخاذها لإيصال الدعم لمستحقيه، لا ترقى إلى حجم التهديد الذي سيضاف إلى شقاء الناس وبؤسهم في مجال تدبير كفاف يومهم؛ فقاعدة البيانات غير متوفرة حتى يصل الدعم النقدي بشكله الصحيح سنويا، كما أن البدائل المطروحة لا تسمن ولا تغني من جوع، والأكثر خطورة أن التهديدات التي يحملها قرار رفع الدعم عن الأسعار متشعبة، وتمس شرائح تحاول إيجاد حلول لمشاكلها المزمنة ولا تنتظر من يزيد تعثرها تعثرا.

( الغد )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات