علاقة الدعم بالدينار

لخص بعض النقاد مقابلة الرئيس في برنامج ستون دقيقة التلفزيوني بأنه وضع الشعب الأردني أمام خيارين هما رفع أسعار المحروقات وتخفيض الدعم أو انخفاض الدينار.
هذا التلخيص رغم عدم دقته يفترض أن سعر صرف الدينار وقوته الشرائية يعتمدان على حجم العجز في الموازنة ، وهذا صحيح جزئياً ولكنه لا يعبـّر عن كل الحقيقة.
ما قصده الرئيس باعتباره اقتصادياً أن استمرار الدعم له تداعيات عديدة مباشرة وغير مباشرة من شأنها الضغط على احتياطي المملكة من العملات الأجنبية وبالتالي التأثير على قوة الدينار.
الدعم الكثيف لغاية مليارين من الدنانير يؤدي إلى عجز كبير في الموازنة العامة وحاجة متزايدة للاقتراض وارتفاع حاد في المديونية ، ومن شأن ذلك زعزعة الثقة العامة بالمركز المالي للمملكة ، ولهذا نتائج عديدة أولها امتناع الدول المانحة عن تقديم المال إذا كان يستخدم لإقامة دولة رفاهية على حساب الآخرين.
ومن نتائجه أيضاً انخفاض تدفقات الاستثمارات الخارجية التي تشكل رافدأً هاماً لاحتياطي العملات الاجنبية ، كما أنه يشجع هروب رأس المال الوطني بالسحب على الاحتياطي من العملات الأجنبية.
صحيح ما قاله معلق اقتصادي من أن ما يؤثر على الدينار هو عجز ميزان المدفوعات لأنه يغطى من احتياطي العملات الأجنبية ، ولكن زعزعة الثقة بمستقبل الأردن المالي والاقتصادي من شأنها تجفيف أربعة على الاقل من مصادر ميزان المدفوعات هي القروض الأجنبية ، والمنح الخارجية ، وتدفق رؤوس أموال المستثمرين ، وحوالات المغتربين.
ما قاله الرئيس صحيح تماماً ، واستمرار الدعم الشامل ، عند هذا المستوى الذي لا تسمح به موارد البلاد ، له نتائج وتداعيات سلبية على مؤشرات عديدة أشرنا إليها أعلاه تكون حصيلتها ذوبان احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ليس لمجرد الدعم بحد ذاته بل لما ينشأ عنه من تداعيات منطقية لم يكن الرئيس مضطراً لتفصيلها لأنه لم يكن بصدد إلقاء درس في الاقتصاد.
نعم ، حكومة الدكتور عبد الله النسور انتقالية ولكنها حكومة مسؤولة تتولى الحكم خلال أخطر ثلاثة أشهر من النواحي السياسية والمالية ، فإما أن تتصرف كحكومة مسؤولة أو تجبن وتعالج الاوضاع الشاذة بالتأجيل والترحيل ، وقد طلب الرئيس دعم الرأي العام وليس تحريض البعض على دس العصي في الدواليب لتعطيل مسيرة الإصلاح.
( الرأي )