الملك يحذر من الانتهازيين

الباب مازال مفتوحا أمام الجميع للمشاركة في الانتخابات المقبلة .
لم يكد جلالة الملك عبدالله الثاني ينطق عبارته "إسقاط النظام" الذي قال إن عددًا قليلاً من المتظاهرين قد رفعها، حتى هاج ثلاثة آلاف مدعو في ساحة الديوان الملكي ، وقد انفعل الكثير منهم وقاطعوا خطاب الملك وبدأوا يهتفون: "الشعب يريد سيدنا أبو حسين"، وتحولت الساحة إلى مهرجان خطابي غاضب من جميع الاتجاهات، فهذا يلقي قصيدة وهذا يهتف وهذا يخطب وهذا يهدد ويتوعد.
رسائل الملك كانت بليغة، أولها للشعب الأردني عندما أكد أن الدولة الأردنية لم تكن إنجاز شخص أو طرف ، بل إنجازا تراكميا من جيل إلى جيل ، وثانيها رد على أصحاب الهتافات المغامرة، عندما قال الملك إن الحكم بالنسبة له ليس مغنما وإنما مسؤولية، ولم ترتفع وتيرة التصفيق مثلما دوت به أكف الحاضرين على عبارته "أتشرف بأن أكون مواطنا أردنيا".
الملك وجه رسالة إلى الأردنيين جميعا وطالبهم بأن يشاركوا في الانتخابات المقبلة لتحقيق الإصلاح المنشود، ولم يُغلق الباب أمام "المقاطعين" ، بل دعاهم إلى المشاركة ، وأكد أن الباب مازال مفتوحا أمام الجميع لكن بشروط الوطن لا بشروط خاصة.
وقد أعاد الملك طرح خارطة الطريق، فقال: إن تغيير الأردن للأفضل يمر من خلال الانتخابات المقبلة وإن حجم المشاركة الشعبية يحدد حجم التغيير المنشود.
بالفعل إنها معادلة قوية للعبور نحو الإصلاح الشامل.
ودافع الملك عن حق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية ، بعيدا عن الانتهازية والشعارات الزائفة واستغلال عواطف الناس، فهو يريد للمعارضة أن تمتلك رؤية وبرامج عملية تجيب على تساؤلات وهواجس الأردنيين، حول كيفية معالجة الفقر والبطالة وانهاء مشكلة المديونية والعجز المالي وتطوير النظام الانتخابي ومعالجة تحديات المياه والطاقة وتحسين الخدمات العامة.
وجه الملك الحكومة للعمل على الإفراج عن معتقلي الحراكات الشعبية و أنصف الحراكات ، وطلب التمييز بين الحراك السلبي والشعارات الفارغة التي تضر ولا تخدم: "يجب أن نميز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي و معارضة وحراك سلبي لا يخدمان مسيرة الإصلاح، فمن يخدم الناس هو من يُعبِّر عن مصالحهم ويقترب من همومهم ويحل مشاكلهم.
واستخدم الملك في خطابه مصطلحات لأول مرة محذرًا من "العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة" واعتبر أنها غير أمينة على مستقبل أبنائنا،وهي إشارة مهمة إذا ما ربطت بعبارة "لا يجوز لأية فئة أن تَدّعي احتكار الحقيقة وتمثيل الشعب كله .
ولم يَغفل جلالة الملك أن يوجِّه نقدًا لاذعا ومباشرا للنخب السياسية التي رضعت حليب الدولة وعندما فُطِمت أصبحت في جهة المعارضة ، وهي بذلك تقوم بدور انتهازي. وشعر الحضور أن جلالة الملك كاد أن يذكر بعض الأسماء، لكنه اكتفى بالإشارة إلى مجموعة قليلة ممن خدموا في مواقع المسؤولية ، وكان لهم دور في صناعة القرارات والسياسات والبرامج والقوانين المؤقتة. مشيرا إلى أن بعضهم استفاد من تقديم خدمات استشارية وقانونية في هذا الإطار، وعاب عليهم جلالته اصطفافهم اليوم في الجهة المقابلة ، وانتقاد تلك القرارات والسياسات التي ساهموا فيها .