الجانب الساخر في الانتخابات

رأيت رسماً كاريكاتورياً في مجلة أميركية يعد فيه مرشح لعضوية الكونغرس الناخبين بأن يجعل أطفال الولاية سعداء إذا انتُخِب نائباً. وتذكرت فوراً الشاعر الشعبي اللبناني عمر الزعني وقصيدة مشهورة له على لسان مرشح لمجلس النواب يعرض على الناخبين برنامجه الانتخابي وفيه: أول بند من الأربعين/بخلّي السما تشتّي طحين/ والأرض تنبّع بنزين/ بلا رسوم وضرايب/ بس انتخبوني نايب.
ربما استغرب القارئ زعمي أن الرشوة في الانتخابات الأميركية أكثر شيوعاً وأكبر حجماً منها في الانتخابات اللبنانية إلا أنها رشوة تكنولوجية تقدم بأسماء أخرى. وكان الآباء المؤسسون وضعوا دستوراً عظيماً في القرن الثامن عشر ضمن التوازن والمراقبة المتبادلة بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، غير أن الدستور وضع لبلد جديد زراعي فقير، ولم يأخذ الآباء المؤسسون في حسبانهم المال الذي أصبح العنصر الأول أو الحاسم في كل انتخابات.
مجلة «نيويوركر»، في صفحات من الرسوم الكاريكاتورية عن الانتخابات أشارت إلى عنصر المال على شكل دعايات.
واحدة قالت: أيها الأثرياء، اشتروا حصة في الحكومة الأميركية عن طريق سوبرباكس، أي لجان العمل السياسي الكبرى التي تملك مئات ملايين الدولارات. عرض مثير مغرٍ سرّي. راجع كل الأشياء المعروضة للبيع. أخرى قالت: اشترِ عضواً من لجنة الخدمات المالية في الكونغرس، طوله حوالى 180 سنتيمتراً، يتصرف كأنه إنسان حي. يمثل مصالحك. السعر (أوكازيون) مليونا دولار. ثالثة قالت: اشتر منطقة انتخابية بكاملها، 16 مليون دولار فقط. السعر أعلى في الولايات المتأرجحة بين المرشحَين للرئاسة. لسنا مسؤولين عن حركة «احتلوا» أو أعمال العنف أو الحراك المدني أو ثورات الفلاحين.
طبعاً، الانتخابات الأميركية لا تكتمل من دون رؤية مرشح وهو يقبل طفلاً تحمله أمه. وأظرف كاريكاتور رأيت عن هذا الموضوع كان لمساعد أحد المرشحين وهو يوبخ المرشح وهما يتركان اجتماعاً انتخابياً ويقول له: لا يجوز أن تقبل طفلاً وأمه ترضعه.
رأيت في الميديا الأميركية رسوماً أخرى لا بد أن الناخبين الأميركيين رأوها وابتسموا، ومنها:
- رجل يقول لامرأته وهما يجلسان في صالون البيت: كل أربع سنوات نصبح قلب أميركا. ثم نعود منطقة تطير الطائرات فوقها (من الشرق إلى الغرب).
- ملائكة على غيوم، ورجل عابر في الطريق إلى فوق وملاك يقول لآخر: سمعت أن هذا الرجل زور شهادة وفاته (إشارة إلى اتهام باراك أوباما بتزوير شهادة ميلاده في هاواي).
- صف يضم معلمة وبنات صغيرات، وواحدة تشكو: كيف يمكن أن تصبح كايلي رئيسة الصف إذا كانت لا تكشف لنا ما وضعت في علبة غدائها؟ كم من الشوكولا هي تخفي في العلبة؟ (إشارة إلى كتم ميت رومني ما يدفع من ضرائب).
هناك طرف كثيرة عن ثراء رومني فهو يملك حوالى 500 مليون دولار، وعن نسبة الضرائب المتدنية التي يدفعها، فهي أقل مما تدفع معلمة مدرسة مثلاً، أو أقل مما دفع رجل العصابات آل كابوني على حد زعم النجم التلفزيوني ديفيد ليترمان. وكان إعصار ضرب مدينة تامبا في فلوريدا أثناء انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري وتمنى بعضهم أن يكون الإعصار قوياً إلى درجة أن يعيد بعض الأموال التي هربها رومني إلى الخارج. وزعم آخر أن رومني يدفع 13 في المئة ضريبة لأن 13 في المئة من أمواله فقط يوجد في أميركا.
سأعود إلى الجانب الساخر في الانتخابات الأميركية في الأسابيع المقبلة، وشر البلية ما يضحك، وإلا أنني أخشى أن تكون النكتة علينا فنحن ندفع ثمن سيطرة إسرائيل واللوبي على السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.
وأترك القراء اليوم مع شيء من تاريخ الانتخابات الأميركية، فإحدى أشهر قصص هذه الانتخابات تعود إلى 3/11/1948 عندما صدرت جريدة «شيكاغو تربيون» وعنوانها الرئيسي يقول «ديوي يهزم ترومان»، إلا أن هاري ترومان هو الذي هزم المرشح الجمهوري توماس ديوي. مع هذه الخلفية رأيت صورة لجريدة عنوانها «رومني يهزم رومني» إشارة إلى أن أخطاءه المتكررة في تصريحاته سبب تراجع شعبيته مقابل أوباما.
( الحياة اللندنية )