نحو سياسة تجارية

يتنافس العراق والولايات المتحدة على المركز الأول في تجارة الأردن الخارجية بمقياس الصادرات ، وهما يتبادلان المركزين الأول والثاني من وقت لآخر.
ما يرفع حصة العراق من الصادرات الأردنية هو أهمية بند تصدير بضائع مستوردة (إعادة تصدير). وما يرفع حصة أميركا من الصادرات الأردنية هو مبيعات المناطق الصناعية المؤهلة ، وهي صناعات أجنبية أساساً مقامة في الأردن للاستفادة من التسهيلات والإعفاءات الأميركية.
في الحالتين نجد أن العنصر الوطني ( المحلي) من الصادرات إلى البلدين المذكورين متدن ، وأن العنصر الأجنبي هو السبب في ارتفاع حصتهما ، وفي الحالتين تكون القيمة المضافة عند الحد الأدنى.
لكن هذا الوضع يظل أفضل من ميزان التجارة مع الاتحاد الأوروبي ، حيث لا تزيد صادرات الأردن إليه عن ُعشر مستوردات الأردن منه وهو وضع غير طبيعي وغير قابل للاستمرار.
لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يعتذر عن تقصيره في الاستيراد من الأردن بعدم وجود منتجات أردنية كافية مستوفية للشروط والمعايير الدولية ، ذلك أن الأردن يستطيع تزويد أوروبا بجزء هام من احتياجاتها من الأسمدة والبوتاس والفوسفات التي تستوردها من مصادر أخرى. كما يستطيع تصدير كميات أكبر من الخضراوات والفواكة وخاصة في مواسم معينة فيما يتعلق بإنتاج الأغوار إذا تم الغاء نظام الكوتا والرزنامة الحمائية.
لماذا يظل الميزان التجاري مائلاً لدرجة فادحة ولا تجري أية محاولة للاقتراب من حالة التوازن وتقليص العجز؟ أغلب الظن أن السبب يعود لغياب الضغط الأردني ، فنحن نقبل هذا الوضع الشاذ ولا نطالب بتصحيحه وليس لدينا سياسة تجارية للتحول إلى مصادر أخرى للاستيراد.
بانتظار الاهتمام بهذا الموضوع يجب ملاحظة أن المعونات المالية الأوروبية للأردن محدودة جداً ، ولم يصل منها شيء خلال الشهور الثمانية الأولى من هذه السنة ، بل إن هذه المساعدات انخفضت بعد توقيع اتفاقية الشراكة بين الجانبين.
لا يتوقف الأمر عند ضعف الميزان التجاري مع أوروبا ، فالميزان التجاري مع الصين أسوأ ، ولا تكاد الصين تقدم دعمأً مالياً يذكر للاردن لتعويض هذا الوضع الشاذ.
صحيح أن الأردن يتبع سياسة الانفتاح التجاري وفق اتفاق التجارة الحرة العالمية ، ولكن هذا لا يحول دون وضع سياسة تجارية محددة ، هدفها زيادة التصدير وتقليص الفجوة المتزايدة بين الصادرات والمستوردات، ووضع العلاقات التجارية مع مختلف الدول والاتحادات التجارية على أسس أكثر عدالة وتوازن.
( الرأي )