أين الخيارات البديلة؟

كلما اقتربت الحكومة من قرار إصلاح بعض جوانب الدعم الاستهلاكي ووقف النزيف المالي الذي ينتفع به الاغنياء والفقراء على قدم المساواة، طلع البعض علينا بالخيارات البديلة التي على الحكومة أن تلجأ إليها بدلاً من رفع الأسعار.
الخيارات البديلة، إن وجدت، قد تكون أسوأ من الخيار الواضح. في اليونان وإسبانيا وبريطانيا مثلاً أخذت الحكومات بخيارات بديلة فاستغنت عن عشرات الآلاف من الموظفين لينضموا إلى جيش العاطلين عن العمل الذي وصل في بعض الحالات إلى 25%، وخفضوا رواتب الموظفين الباقين بنسب تصل إلى النصف، فهل هناك من ينصح بإجراءات كهذه لمجرد التمتع بالمحروقات والكهرباء بنصف كلفتها الحقيقية.
هناك بالفعل خيارات معقولة، ولكنها تبقى خيارات مطلوبة على اي حال، وليست بديلاً عن إصلاح نظام الدعم الفاسد الذي كبر واستمر لمجرد كسب الوقت وترحيل المشكلة والحفاظ على الشعبية وإتقاء شر أصحاب الأصوات العالية.
وهناك بديل جذاب يصلح كشعار شعبي يستخدم يومياً كحل سحري لجميع مشاكل الدعم والمديونية وعجز الموازنة وهو استرداد الأموال المنهوبة، مع أن استرداد هذه الأمول في دولة القانون مناط بالقضاء العادل وليس بالمحاكم الثورية. وتقوم دائرة مكافحة الفساد بتحويل شبهة فساد إلى القضاء بمعدل واحدة كل ثلاثة أيام عمل، ولم تقدم حتى الآن أدلة تدين أحداً، فلم يتم تحصيل شيء، ولو تم فإنه يخص الشركات ذات العلاقة وليس إيرادأً للخزينة. وحتى إذا كان إيراداً للخزينة، فهل المطلوب استخدام حصيلة استرداد أموال الفساد لتمويل استهلاك المحروقات؟ وإذا جاز ذلك هذه السنة فهل يستمر الدعم في السنوات القادمة أي بعد استرداد الأموال المنهوبة؟ هل الفساد مصدر تمويل دائم لسد العجز وتسديد المديونية ودعم السلع والخدمات.
إذا حصلت المعجزة وتم استرداد أموال منهوبة، فإن الاستعمال الصحيح لها هو تخفيض المديونية، وليس تمكين مليون سيارة خاصة من حرق المزيد من البنزين بأسعار مدعومة.
خطأ كبير يقع فيه من يصنفون المعترضين على إصلاح الدعم بأنهم حريصون على مصلحة الشعب، وأن مؤيدي الإصلاح هم أعداء الشعب، والحقيقة عكس ذلك تماماً وإن كانت الخدعة تنطلي على كثيرين.( الرأي )