إنما للدخل حدود
الاستخدام المكثف لعبارة: "ذوو الدخل المحدود"، أطاح بالمركز الاجتماعي لصاحب راتب الوظيفة في القطاعين العام والخاص، باعتبار أن العبارة تخص القطاعين معاً.
مر زمان كان فيه الراتب (وخاصة إذا كان محدوداً) يعد مَجْلَبة للاعتزاز لصاحبه، مع الاستدراك أنه لم يكن يسمى "محدوداً"، أو على الأقل فإن صاحبه لم يكن يسميه محدوداً، بل كان يفضل أن يسميه "ثابتاً"، بمعنى أن أحدا لا يستطيع التقليص منه أو إيقافه، وكانت عبارات مثل: "راتبه واصله اشتغل أم لم يشتغل" ، أو "راتبه مؤمّن"، وما يتبعها من استنتاج يقول إنه "يحط راسه وينام مرتاحا"، تعد من الإشارات الواضحة على ما يتميز به صاحب الدخل "الثابت" من مكانة مالية مستقرة.
في العقود الأخيرة تحول الراتب المحدود إلى مَجْلَبة للتعاطف والشفقة على صاحبه الذي تحول إلى شكّاء بكّاء يطالب بالمراعاة والنظرة الحانية، وتحوّل هذا الموظف إلى شخص مسكين "عايش على الراتب".
كان الفلاحون الأردنيون الذين ينتظرون دخلهم على الموسم مرة واحدة في العام، يحسدون الموظف لأنهم يرون الفلوس في جيوبه في أول الشهر وفي آخره، فيقولون إن الموظف يستلم راتبين! والآن صار الجميع يشفقون عليه لأن جيوبه فارغة ويضطر لكي "ينطر" راتبه آخر الشهر منذ لحظة استلام راتب الشهر الذي سبقه.
غير أنه علينا أن ننتبه إلى نشوء فئة جديدة من الموظفين من ذوي الدخل المحدود، لكن حدوده عالية تختلف عن كل الحدود التي عرفناها سابقاً . ( العرب اليوم )