يا مال الشام!

تم نشره الأحد 04 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 12:35 صباحاً
يا مال الشام!
خيري منصور

 

حول قبر آخر المرابطين في تونس وفي مقهى يحمل اسمه، قلت لادونيس الذي كان ينقر الليل بعصا من غابة لوز قرطاجية.. ألا تـُصغي لنشيج أموي؟ وذكّرته بما كتب عن تحولات الصقر الذي اصبحت الارض اضيق من ظل رمحه فيما كانت حوله العقارب تضيء...
الليلة، عندما كانت الفضائيات تعلن عدد القتلى في الشام، جاءني من بعيد صدى صوت يرشح منه الياسمين.. يا مال الشام لكن مال الشام ليس مالي ولم يعد مال الشام ذاتها، فكل شيء الان في مهب العواصف سواء كانت تستدرج الغيمة فوق سماء الغوطة او تذر رمادها في العيون.. والصوت الاخر الذي جاء صداه من وراء التاريخ كان لفيروز «ان ما سهرنا ببيروت بنسهر في الشام». لكن الغناء كما الشعر يختصر مسافات لا يقطعها امهر العدائين في زمن الكساح.
ثم يلحق سعيد عقل الدنيا ببستان الشام!


فكم تبقى من المرابط الاخير؟ ومن الياسمين المتساقط كندف الثلج على كأس الليمون الذي تقاسمته مع شاعر تجاوز الثمانين ولم يسأم تكاليف الحياة والشعر معا..


ولكي يكتمل المشهد، كنت اقلب مجلة بدءا من صفحتها الاخيرة وهي كاريكاتور عن موقعة الجمل في ميدان التحرير بالقاهرة.. وقد رسم جملا له ثلاثة سنامات. لها شكل الاهرامات ورؤوسها المدببة المغروزة في الفضاء.
حلمنا جميعا بغد لا يشبه البارحة. لكن الثعالب لم تكف عن المراوغة، بحيث صرنا نبكي على الامس واليوم ونخاف من الغد لاننا لا ندري ما الذي ستحمله الشمس فيه.


الحكاية أبعد من صراع طوائف او قبائل او طبقات، ولا تختصر في الثالوث الاسود من بلطجية وشبيحة وقاطعي طريق.


انها عواصم لم يبق واحد من الغزاة لم يسل لعابه على اسوارها، تدمر وتعاد الى ما قبل القرن التاسع عشر والخلاصة ان ما يحدث هو انتحار قومي بعدة امتيازات، كأننا لا نستحق هذا الموروث لهذا بددناه بسفاحة احفاد يعشقون العقوق.. فلم يسلم المتحف والمسجد والكنيسة والقلاع الايوبية من مكبوتنا المزمن.


اما الذرائعيون ومحترفو الندب في مآتمنا حتى لو كانت خلال ايام الاعياد فليدعونا وشأننا عندما تآزف نوبة البكاء على اطلالنا وكتب اسلافنا وما تبقى في جذوع اشجارنا المذبوحة من نشيج.
فالاشجار كلها بدءا من التين والزيتون حتى الارز والسنديان والنخيل هي الان صفصاف يرشح دمعا!


سهل علينا ان نكون مع الله والقيصر في لحظة واعدة لان الزمن برمته مهور بالتواطؤ.


واسهل علينا ان ننتظر الشهد من الذباب والبعوض. لان الوقت كله مطوّب لاكلي لحوم امهاتهم واطفالهم وهم لا يعلمون.
ما هكذا تورد الابل نحو منابع الحرية وما هكذا تكون ترجمة الحلم بغدٍ لا يشبه البارحة.


مبروك على الطائفي والمذهبي والبلطجي والشبيح تسعون دويلة عربية تـُرسم تضاريسها الان ما وراء البحار!!

( االدستور )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات